تدعو الدول الأوروبية والغربية عادة إلى حرية الرأي، والحفاظ على حقوق الإنسان، وتحتج تلك الدول وتبدي أسفها في كثير من الأحيان عندما تضطهد حقوق أي إنسان في أي دولة، وترى العديد من المنظمات الدولية تهب فجأة وتقف موقفًا قويًّا لتطالب برد الحقوق التي سُلبت، وتهاجم تلك المنظمات بشكل عنيف الجهات التي صدرت منها تلك القرارات، وترتفع وتيرة ذلك الهجوم خصوصًا إن كان الطرف الآخر من العنصر النسائي. ومؤخرًا أصدرت بعض الدول الأوروبية وأمريكا تعليماتها لمنع دخول بعض المشايخ السعوديين إليها على الرغم من منحهم تأشيرات دخول لها، وإن كانت مثل هذه القرارات قد تكون مقبولة في بعض الدول العربية، والتي عرف عنها خوفها من الآراء التي قد تكون مخالفة لسياسة ومنهجية تلك الدول إلاّ أن الغريب وغير المقبول أن تأتي مثل هذه القرارات من مثل الدول الغربية والأوروبية والتي كثيرًا ما تغنّت بالحرية ونادت بها، بل وقاتلت وسفكت الدماء من أجلها. وإن كان الوضع في تلك الدول فيه من الحرية والشفافية، وإبداء الرأي المخالف ما يسمح للكثير بأن يهاجموا وينتقدوا رؤساء تلك الدول، فلا أعلم ما الذي يمكن أن يفعله المشايخ السعوديون ممّا يستدعي أن يمنعوا من دخول تلك الدول، خصوصًا وأننا في عصر لم يعد يعترف بالمنع، فكل ما يود الناس نقله اليوم يمكن أن يتم في لحظات من خلال وسائل التقنية. فالمحاضرات تُنقل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها؛ ممّا يتعارض مع سياسة المنع اليوم، والتي أصبحت ظاهرة من الماضي. كما أعتقد أن تلك الدول، ومن خلال نفس المبدأ المرتبط بالشفافية والحرية وغيرها من الشعارات الأخرى كان يجب عليها أن توضح ما هي أسباب منع أولئك المشايخ، وأن لا تتحفظ على إبداء الأسباب خصوصًا وأنها منحتهم تأشيرات، فقد يكون في تلك الأسباب ما هو مهم، ويساهم في إحاطة دول أخرى بخطرهم ومنعهم من دخولها. إن ظاهرة ازدواج المعايير لازالت تتواصل، ولم يعد الأمر مقصورًا على المواقف ضد الدول، بل امتد ذلك ليشمل الأفراد. [email protected]