أولت قيادة المملكة العربية السعودية جل اهتمامها بالشأن الخليجي، وعملت بكل صدق ومحبة وإخلاص على تحقيق ما فيه خير شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها، فمنذ القمة التأسيسية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في أبوظبي في 1981 م، برزت مواقف القيادة السعودية بالفعل قبل القول في دعم العمل الخليجي والنهوض به على المستويين الداخلي والخارجي. وفي تقرير نشرته وكالة الأنباء البحرينية، قالت: تجلى اهتمام القيادة السعودية بمجلس التعاون الخليجي منذ تلك القمة حيث عبَّر الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- عما يحمله من رؤية ثاقبة تجاه إنشاء هذا الكيان بقوله: إننا نتطلع أن يكون لهذا التجمع الخير للأمة الإسلامية». وأكد أن هذا التجمع يعمل لخير المنطقة ولا يهدف من قريب أو بعيد بطريق مباشر أو غير مباشر للإضرار بأحد فهو ليس تكتلًا عسكريًا ضد أي فريق وليس محورًا سياسيًا ضد أي قوى. وأضاف أنه التقاء دوري بين أخوة أشقاء يسعون للعمل على رفاهية ورخاء واستقرار شعوبهم المتجاورة. ووصف في تصريحات لصحيفة «السياسة» الكويتية، قمة مجلس التعاون الخليجي في أبوظبي بأنها حدث تاريخي طالما انتظرته طويلًا أجيال منطقة الخليج وشبه الجزيرة. واطلع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بدور مهم في هذا المجال لما قدمه من عطاء ورعاية للمجلس منذ نشأته ثم انطلاقته، إذ وقف في الدورتين الأولى والثانية يشد من عضد أخيه الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- ثم حمل المسؤولية انطلاقًا من الدورة الثالثة التي عقدت في المنامة في نوفمبر من العام 1982. ومنذ ذلك التاريخ، تمكن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بحكمته الثاقبة وبعد نظره من دعم السير بالمجلس نحو القمة متجاوزًا الصعوبات التي تقف في طريقه ساعيًا مع قادة دول المجلس إلى بلوغ الهدف المنشود. ومن بين أبرز الأدلة التي تبرهن على حرص المملكة على وحدة هذا الكيان وصموده والعبور به إلى بر الأمان بالرغم من التحديات التي واجهته، الموقف الرائد والمشرف الذي وقفه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- تجاه غزو النظام العراقي السابق لدولة الكويت، ذلك الموقف الذي ستظل الأجيال المتعاقبة ترويه بدون كلل أو ملل موقف يدل على شجاعته وحنكته ويترجم حكمته وبعد نظره. فمنذ اليوم الأول للغزو، أجرى الملك فهد سلسلة من الاتصالات والمشاورات الواسعة مع مختلف الاطراف العربية والإسلامية، أملًا في إيجاد حل عربي إسلامي للقضية يجنبها أي تدخل أجنبي ويتيح المجال للتوصل إلى حل ينهي المشكلة والآثار المترتبة عليها، لكن نظام الحكم في العراق رفض الاستجابة لنداء العقل. وهنا نهض خادم الحرمين الملك فهد بمسؤولياته الثقيلة بكل قوة واقتدار واتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب فقد كان يوم التاسع من شهر اغسطس 1990م نقطة تحول جذرية في الموقف برمته اذ أعلن الملك فهد في كلمة استعرض خلالها الأحداث المؤسفة قراره التاريخي الحازم والحاسم بالاستعانة بقوات شقيقة وصديقة لمساندة القوات المسلحة السعودية في أداء واجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين ضد أي اعتداء. وفي الدورة الحادية والعشرين التي عقدت في البحرين في 30 ديسمبر 2000م، ركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (ولي العهد آنذاك) في الكلمة التي وجهها إلى الدورة على ضرورة تطوير التعاون العسكري بين الدول الاعضاء وتنمية القدرة الدفاعية الذاتية الفاعلة لدول المجلس. وفي الدورة الثانية والعشرين التي عقدت في مسقط في ديسمبر 2001م، واصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (ولي العهد انذاك) الاهتمام بقضايا الامة الخليجية وحمل همومها إلى تلك القمة حيث شخص في كلمته أمام القمة الداء واقتراح الدواء وقال: إن «الداء الذي لا أظننا نختلف على طبيعته هو الفرقة القاتلة التي ابعدت الجار عن جاره ونفرت الشقيق عن شقيقه». ورأى أن الدواء يكمن في الوحدة التي تعيد الجار إلى جاره والشقيق إلى حضن شقيقه. ويقول الملك عبدالله بن عبدالعزيز: إن الوحدة الحقيقية لا تنصب على الشكليات ولكنها تقوم على مشروعات اقتصادية مشتركة تنظم من اقصاها إلى اقصاها وعلى مناهج دراسية واحدة تنتج جيلًا شابًا مؤهلًا لتعامل مع المتغيرات وعلى قنوات عربية وإسلامية تستطيع معالجة مشكلاتنا. وعبر خادم الحرمين الشريفين في حديثه لصحيفة «السياسة» الكويتية في ديسمبر 2009م عن تطلعه الى ان يرى مسار دول مجلس التعاون الخليجي افضل بكثير من مسار الاتحاد الاوربي، وفي ذلك يقول: «عندما أقارن بين علاقات دول الاتحاد الأوروبي فيما بينها, وأنظر إلى العلاقات الخليجية - الخليجية, ويعلم الله أنني أتحدث بكل صدق عندما يسألني أحد عن هذا الشأن, فأقول عندما أنظر إلى ما بين شعوب ذلك الاتحاد من اختلاف في العادات واللغة والثقافة, ورغم ذلك قطع اتحادهم شوطا كبيرا في سبيل التوحد والتضامن, والربط المصلحي بين شعوبهم. إنني أطمح أن أرى دول مجلس «التعاون» الست, والتي يجمعها الدين الواحد واللغة الواحدة, بل اللهجة الواحدة, أقول أطمح أن أرى مسار هذه الدول أفضل بكثير من مسار الاتحاد الأوروبي, فلديها كل مقومات الترابط المصلحي التي تجعلها وحدوية بصورة أفضل من الاتحاد الأوروبي. وفي قمة الرياض في ديسمبر 2011م، دعا خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة «الاتحاد»، وهي الدعوة التي لاقت ترحيبا من دول المجلس، حيث من المقرر إعلان «الاتحاد» في منتصف العام 2013.