وُصف اليهود في القرآن الكريم بأقبح وأشنع الصفات، ومنها قوله عز وجل: (سمّاعون للكذب.. أكّالون للسُحت)، والسمّاعون هنا يمارسون السمع باستمرار.. ينصتون لكل كذبة.. قلّما تفوتهم الكذبة مهما حقرت وبان عوارها. كان ذلك في العهد القديم.. في يثرب التي أبى يهودها إلاّ إعلان الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم عبر المكائد والدسائس والطعن من الخلف، فأجلاهم الله عن المدينةالمنورة، ومزّقهم شرّ ممزّق. أمّا اليوم، فيقترن هذا الفعل الشائن بما هو أشنع، في عالم اليوم سمّاعون للكذب.. وقوّالون للكذب.. ينصتون بآذان صاغية لكل كذبة، ولو كانت في صحراء مهجورة؛ ليبنوا عليها قولاً كله كذب، وكلّه دجل، وكله تصفية حسابات، ليس فيها شيء من احترام النفس، فضلاً عن إنصاف الآخر أو احترامه. نعوذ بالله من فجور المنافق، فهو إذا خاصم فجر. وكان في العهد القديم موقعًا للخصومة المباشرة، أمّا اليوم، فالخصومة جاهزة دون سبب إلاّ عداء فاضح لتيار وولاء مخز لتيار آخر.. لا وسطية ولا عقلانية، وإنما مصالح دنيئة، ووشائج مبنية على علاقات ليس فيها للخير مكان. هؤلاء لو سمعوا عن خصومهم كذبة في أقاصي الأرض لتبنوها وضخموها، واعتبروها من الصواب الذي لا يجانبه خطأ أبداً، بل واتخذوه دليلاً واستشهدوا به للطعن فيمن صنّفوهم أعداء لا بد من إطاحتهم، وتمريغ جباههم وقهرهم، بل وسحلهم إذا سنحت الفرصة وساعدت الظروف. ما أشد شناعة الكذب! وما أغلظ قول الزور! كيف وإذا تُوج ببهتان عظيم تنوء به الجبال، ولكن لا ينوء به ظهر ذلك الجاهل المغرور الصفيق الذي لا يتورع عن استخدام أي أسلوب كان، وعن الكتابة بأي لغة كانت.. يحسب أنه يحسن صنعًا، وهو يعلم في قرارة نفسه أنه لا يحسن إلا كذبًا وزورًا. هؤلاء إذا قالوا لم يعدلوا! وإذا خاصموا لم يتورعوا! إن صدقوا فهو من باب (صدقك وهو كذوب)! ويل لهؤلاء القوّالين للكذب بلا حياء، ولا تحضر، ولا مصداقية. هؤلاء سيتكررون في كل زمان، فهم آية على صدق الكتاب العزيز، لن نعدمهم أبدًا، يتناسخون ويتواصون ويتكاثرون، فتبًّا لهم وسُحقًا. [email protected] [email protected]