مشروع فكري ثقافي يعنى بلغتنا الأم، تبنّته مؤسسة الفكر العربي بقيادة رمز الفكر والثقافة واللغة في الوطن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مع اسمه نرسم أجمل صورة للحرف والكلمة والإبداع. تابعت عن كثب أهداف المشروع، وتدشينه عبر وسائل الإعلام، وأكبرت هذه الغيرة العربية على لغة هي الوحيدة من بين كل لغات البشر التي تتّصف بالقدسية، نعم لغة مقدسة خالدة؛ لأنها لغة الوحي الإلهي بقرآن ختم الله به الكتب السماوية، وتعهّد ربُّ العزة والجلال بحفظه، وتشريفه، وتكريمه. لله درّك حافظ إبراهيم شاعرنا العربي الذي تتزين كتبنا في المدارس بشعره في التغزّل باللغة، والاعتزاز بها، ولكن في النفس حسرة من جحود أبناء وبنات اليوم، وجيل اخترع له لغة مشوّهة سمّوها (العربيزية) تجمع بين لغتهم الخالدة، ولغة عرفت مؤخرًا بأنها لغة العصر. لا ضير في تعلم لغات الأقوام الأخرى، ولكن ليس على حساب اللغة الأم، أكثر ما يحزنني أن بعض وسائل الإعلام تعاني كثيرًا من ضعف اللغة الواضح الجلي لدى بعض الإعلاميين، والذين ينبغي عليهم أن يهتموا بمخارج الحروف، وإتقان مفردات اللغة، وقواعدها، ونحوها، وصرفها. فاللحن في اللغة أمر مشين معيب، لا يليق إطلاقًا بمن ينتمي للإعلام، أو التربية والتعليم؛ لأن كلاً من المذيع والمعلم له دور ورسالة يتلقى الجمهور من خلالهم، ويتابعونهم بشغف واهتمام، ومن يتصدّى لهذا الأمر لابد أن يكون على قدر المسؤولية والأمانة. نحن بحاجة لحملة وطنية تنطلق في كل مكان لإحياء الاعتزاز باللغة، كم أتمنى إنشاء معاهد متخصصة في كل مدينة وقرية، تقيم دورات لتقوية اللغة العربية تحدّثًا وكتابةً للعرب والعجم على حد سواء، وإحياء فنون الخط العربي وجماله وإبداعه. تذكرتُ مقولة سمو الأمير خالد الفيصل العام الماضي في أروقة الجامعة الإسلامية، عندما سمع الشعر الفصيح من أعجمي نيجيري، يلقي قصيدته ببلاغة واضحة، ويعتذر لأنه أعجميٌّ، فردّ عليه الأمير إن كانت هذه الأعجمية، فلنتعلّمها جميعًا؛ لنصل إلى بوابة العربية. المسؤولية تقع على عاتق الجميع، فهي لا تعني وزارة أو مؤسسة بعينها، ولكن مؤسساتنا التربوية في التعليم العام والعالي يقع على عاتقها العبء الأكبر، من أجل إعداد الأجيال المدافعين عن لغتهم المحبين لها، المتحدثين بلغة سليمة خالية من اللحن والخطأ. تحية لسعادة الدكتور محمود عمار أستاذ الأدب والنقد بجامعة الإمام محمد بن سعود، الذي أجري معه لقاء وحديث شيق عبر قناتنا الثقافية، تحدث عن المشروع والنهضة بلغتنا، وتمنيتُ أن لا ينتهي اللقاء معه لجمال لغته، وتمكّنه من قواعد اللغة بسلاسة وطلاقة أغبطه عليها. عشقتُ اللغةَ العربيةَ منذ طفولتي، نشأتُ وتربيتُ على حبّها مع جيل الرائدات من المعلمات والروّاد من الإعلاميين، ومازلتُ أبحث عن صوت يطربني ويغذي روحي التي تعشق اللغة. تحية لإذاعة البرنامج الثاني من جدة؛ لأنها أعادت لنا صوتًا افتقدناه كثيرًا.. إنه الإعلاميُّ المخضرم عبدالرحمن يغمور، عبر برنامجه وهج الحروف. [email protected]