شهدت محافظة جدة على مدى العقود الأربعة الماضية نموًا سكانيًا متزايدًا وتوسعت بشكل كبير مما أوجد حاجة كبيرة وطلبًا على المساكن وقد جاء معظم هذا التوسع باتجاه شمال المحافظة بسرعة حتى وصلت الى ذهبان التي أصبحت خلال السنوات الخمس الماضية محط أنظار المستثمرين والباحثين الجادين عن السكن. هذا النمو العمراني تزامن مع ازدياد الطلب من قبل فئة الشباب وحديثي الزواج بالإضافة الى تنامي الوعي العام بمزايا التوسع والاستثمار في المناطق الجديدة والأراضي غير المطورة من قبل مستثمري وشركات التطوير العقاري التي بادرت وأجرت دراسات على الاستثمار في تطوير المشروعات السكنية واختارت شريحة محددة من المستهدفين وغالبيتهم من ذوي الدخل المتوسط رغبة في معرفة احتياجاتهم ومتطلباتهم من المشروعات السكنية. ووسط الازدحام المروري الذي تعاني منه شوارع جدة وطرقها، وتعاظم الكثافة السكانية في كثير من أحيائها، بدأت التنمية والمشروعات العقارية تزحف في أطراف جدة وخصوصًا باتجاه الشمال، ليجد السكان ملاذًا يمكن من خلاله الابتعاد عن الضجيج والازدحام وتحقيق طموحهم بالعيش في مناطق هادئة وتتوفر فيها الخدمات المتكاملة والبنية التحتية. المستثمرون العقاريون يؤكدون تطور منطقة شمال جدة ويشيرون إلى أن البحث عن سكن فيه لم يكتسب أهميته الكبيرة اليوم، بل بدأ منذ سنين مضت مع انتشار الكثير من المنتجعات السياحية والمتنزهات والمطاعم والمواقع الترفيهية والسياحية، واليوم أصبح شمال جدة، وخصوصًا منطقة ذهبان أو ما يعرف بجدةالجديدة، الوجهة الأفضل للقطاعات الحكومية أو الخاصة وكذلك من المواطنين والمستثمرين. من جانب آخر فقد تنبهت أمانة محافظة جدة مبكرًا، حيث سارعت إلى تهيئة تلك المنطقة الواعدة بالفرص، وبثت الحيوية فيها من خلال تنظيم الأراضي وإنشاء المرافق العامة، وقد اختارت لذلك منطقة ذهبان أو ما يعرف بجدةالجديدة التي تبعد عن جدة مسافة 25 كم فقط وتتميز بشريط بحري بطول 20 كيلو مترًا، لتكون بذلك نقطة انطلاق ينبثق منها التوسع العمراني الجديد في الشمال بحكم موقعها الاستراتيجي. وبعد أن أعلن الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، عن البدء في تنفيذ مشروع ساحات ومتنزهات ذهبان والتي تقع في الشمال الغربي لمدينة جدة يجري العمل الآن على تنفيذ المشروع بمساحة تصل لأكثر من 100 ألف متر مربع، ويتزامن ذلك أيضا مع العمل على تصميم وإنشاء متنزه بحري على شاطئ البحر الأحمر بمنطقة خليج سلمان. العديد من المؤسسات العامة والشركات الكبرى رصدت هذا الاهتمام الحكومي بشمال جدة وسرعان ما أدركت المستقبل الذي ينتظر هذه المنطقة، فاختارتها لتكون مقرًا لمشروعاتها المستقبلية التي ستنهض بتلك المنطقة وتزيد من أهميتها واستقطابها للمستثمرين والسكان على حد سواء، وعلى رأسها مدينة الملك عبدالله الرياضية، جامعة الثريا، وكلية البترجي للعلوم الطبية، مشروع الفريدة السكني، وكلية إدارة الأعمال، وغيرها الكثير من المشروعات التطويرية الحيوية الأخرى. من جهة أخرى، قاربت أعمال البناء في مستشفى الملك عبدالله العام بمنطقة ذهبان على الانتهاء، كما وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بتخصيص أرضين بمساحة تزيد على خمسة ملايين ونصف المليون متر مربع، لإنشاء مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة. أما بالنسبة لعشاق الرياضة، فتشهد المنطقة حاليًا إنشاء مدينة الملك عبدالله الرياضية والتي ستضاهي ملعب لندن الأولمبي الذي نظُّمت فيه المنافسات الأولمبية المنصرمة، وسيكون ملعب كرة القدم بشكله اللافت وطبقاته الثلاثة التي ستتسع لستين ألف متفرج من أبرز مكونات المدينة الرياضية، ذلك بالإضافة إلى ملعب خاص لألعاب القوى، وآخر لبقية الألعاب، وسيكون سكان جدة والمملكة بل وعشاق الرياضة أجمع على موعد بإذن الله مع تدشين هذا الصرح الرياضي العالمي في أكتوبر 2014. وبمناسبة الحديث عن السكن ومشروعات الإسكان فلا بدّ لنا أن نذكر أن من أوائل من بادر للاستثمار في المنطقة شركة إيوان العالمية للإسكان وقبل خمس سنوات تحديدا من خلال اقرار تنفيذ مشروع كبير على شكل حي سكني متكامل الخدمات حيث وقع الاختيار على شمال جدة وتحديدا في منطقة ذهبان ليكون موقع مشروع الفريدة السكني الذي تصل مساحته الى 1,1 مليون متر مربع. ويحتوي المشروع على وحدات سكنية تخدم ذوي الدخل المتوسط ويعتبر مشروع الفريدة الذي يضم حوالي 1800 وحدة سكنية مختلفة الأحجام والتصميمات وباستثمار يصل الى 1,8 مليار ريال المشروع الأكبر من نوعه في محافظة جدة وينفذ على عدة مراحل تم الانتهاء من الهيكل الانشائي للمرحلة الاولى التي تم بيعها بالكامل وتضم 324 وحدة سكنية وسيتم الانتهاء منها وتسليمها للملاك منتصف العام 2013م.، ويدعم المشروع بنية تحتية متقدمة ومرافق خدمية شاملة بما في ذلك شبكة اتصالات متقدمة، وخطوط الكهرباء والمياه، ونظامًا للصرف الصحي، وآخر لتصريف مياه الأمطار، بالإضافة إلى شبكة طرق تم تخطيطها بعناية لتجنب أي ازدحام مروري. ويجري العمل حاليا على تنفيذ المرحلة الثانية لعدد 460 وحدة بعد الانتهاء من توقيع الاتفاقيات مع عدد من الشركات الرائدة مثل شركة ABB السعودية لبناء محطة فرعية لتوليد الطاقة الكهربائية بتكلفة إجمالية قدرها 63 مليون ريال كما أن الشركة بدأت بأعمال تطوير البنية التحتية للمرحلة الثالثة والرابعة للمشروع. كما أن المشروع يحوى العديد من الخدمات مثل المساجد، والمرافق التعليمية والطبية، ومراكز التسوق، ومسطحات خضراء ونادٍ صحي رياضي اجتماعي يخدم الرجال والنساء الذي تم زيادة مساحته ليستوعب الاعداد الكبيرة التي يتوقع ان تستفيد منه بعد اكتمال المشروع. أما أكبر مشروعات جدةالجديدة وأكثرها تكلفة فهو «مدينة المملكة» التي ستحتضن أطول برج في العالم بحلول العام 2017م بمنطقة أبحر الشمالية، وستضيف 75 مليار ريال لاقتصاد جدة حسب تصريح القائمين على المشروع وهي التكلفة الإجمالية لهذا المشروع الضخم. وسيكون بارتفاع 1000م وبذلك سيصبح أعلى برج في العالم ليتفوق بذلك على برج خليفة الذي يعد في الوقت الحالي أطول أبراج العالم بطول 828 مترًا. ولا شك أن جميع اتجاهات جدة تتمتع بأهمية كبرى باعتبارها الامتداد الطبيعي للمدينة، خصوصًا في اتجاهي الشمال والشرق، ولكن ما يجعل الشمال مثيرًا للاهتمام، هو وجود المساحات القابلة للتطوير ورغبة العديد من القطاعات الحكومية والخاصة في التواجد شمالا والتي وضعت النمو السريع للمدينة باتجاه الشمال حتى ذهبان لتكون البوابة الشمالية لجدة واختارت عددًا من المناطق غير المطورة كأحياء مستقبلية تتسع معها حدود جدة، وتنتشر فيها المشروعات التنموية الكبرى.