قبل سنوات قريبة وقبل الهجوم الشرس للتقنية والتكنولوجيا المعلوماتية وظهور الإعلام المقروء والمرئي بقنواته المتنوعة، وبعد تطور الاتصالات المذهل خصوصًا الجوالات ومنها (الآي فون والبلاك بيري وجلاكسي والآي باد) وغيرهم الكثير خلاف المنتظ.! كانت هناك صور جميلة للحياة البسيطة والفطرية بطيبة الطيبة، حياة ليس بها كلفة، والناس يعيشون على بديهتهم وبنيّاتهم وقلوبهم النظيفة! قبل الظهيرة -أي في الضحوية- هذه الفترة كانت هي مصدر الأخبار بين النسوة، حيث تجتمع الجارات الساكنات في الحارة مع بعضهن البعض ليحتسين القهوة التركي والشاي (الطلخ) بالتمر أو الرطب والحكي فيما استجد في الأربعة والعشرين ساعة الماضية من مصادرهن المختلفة..! أما الرجال فكان مصدر الأخبار لديهم هي الدوريات الليلية أي الاستراحات المنزلية في ذاك الزمان! يقضون أوقاتهم في لعب (البلوت والكنكان) وتدخين الشيشة الهندية، وسماع الأخبار من إذاعة الشرق الأدنى. وبعد فترة من الزمن جاء التلفزيون بقناته الأولى والوحيدة؟! وكان هو المسلِّي والمفيد، ولم يكن هناك مصدر لقلق الإنسان كما هو حاصل في عصرنا هذا! في تلك الحقبة من الزمن كانت الناس تحب بعضها وتستر على بعضها وتواسى وتفرح وتحزن لبعضها البعض..! ورغم تواضع الإمكانات الصحية أيام زمان فقد كان علاج غالبية المرضى يأتي من العطارين..! وكان من يموت منهم لا يُعرف سَبب موته هل هو نتيجة إغماء سكري أو ارتفاع ضغط الدم أو جلطة في المخ وغير ذلك؟! وبالمناسبة كان هناك طبيب عام مصري الأصل محبوب لدى سكان المدينة اسمه "سعيد" يعيش هو وزوجته رحمهما الله في منزلهما في أول مدخل الشونة.. وكان دفتر (الروشتات) الوصفات في جيب هذا الطبيب ليصف العلاج لمن يطلبه منه دون مقابل وهو يسير في الشوارع والطرقات! وقد كان هناك مستشفى باب السلام والتكية المصرية يُقدِّمان العلاج المجاني أيضًا.. ولا ننسى مستشفى الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في باب الشامي بتواضع إمكانياته حيث كان به طبيب عام آسيوي الجنسية مشهور بلكنته العربية المكسرة والمميزة بل اللذيذة، ودائمًا ما يسأل مرضاه هل فيه (كُخه) يقصد سُعال، (بَنطك تعبان) يقصد هل هناك ألم في البطن والمعدة، هل فيه (زُمكَه) يقصد يوجد زكام؟! وبعد ذلك يصف العلاج؟! وهكذا كانت الحياة تسير على ما يرام، وبوتيرة عفوية! وإذا استعصى المرض كانت هناك حُقنة (بنسلين) واحدة، يسبقها مسحة بالماء الدافئ كمعقم من العم خميس شقرون رحمه الله في مستشفى الملك، يستجيب لها الجسم سريعًا ويشفى المريض بقدرة الله. [email protected]