سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرح عالمي في فيينا بمبادرة ملك مسلم ودعم عاهل أندلسي ورعاية رئيس أوروبي تدشين مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار العالمي بين إتباع الديانات والثقافات
لم تكن ليلة البارحة الأولى عادية في تاريخ العاصمة النمساوية الجميلة فيينا، بل في تاريخ الحضارة الانسانية المعاصرة.. المناسبة تدشين مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار العالمي بين اتباع الديانات والثقافات والمدعوون من كل ارجاء المعمورة تدفقوا على فيينا لتزداد بهاء على بهاء ونورا على نور.. انه نور الرسالات السماوية والثقافات الانسانية.. ورغم كثرة الجوائز والأوسمة والنياشين التي سعت لخادم الحرمين الشريفين فقد جاءت ليلة تدشين المركز لتؤكد جدارته باحتلال مساحة شاسعة في قلوب المؤمنين بالحق والعدل والتسامح في كل أنحاء العالم.. وفيما كان خادم الحرمين يؤكد في كلمته الموجهة لمن جاءوا الي النمسا يحدوهم الامل في السلام والعدل والخير انه معهم بقلبه، كان ملك اسبانيا بتاريخ بلاده العريق في مجال التسامح بين الاديان يؤكد حكمة خادم الحرمين في اختيار الزمان والمكان، واكد رئيس النمسا أن مركز الحوار العالمي خلاصة مبادرة سعودية لا تتفق فقط مع مبادئ النمسا وانما مع آمال وطموحات البشرية في هذه المرحلة التاريخية في حياة الشعوب.. أما صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل فقد ارتسمت على وجهه علامات الفرح والرضا، مغتبطا بما قدمه خادم الحرمين لبلاده ولأمته العربية ولأمته الاسلامية.. وكنت هناك. موجود بقلبه في البداية أكد الأمير سعود الفيصل عن ثقته في أن خادم الحرمين الشريفين كان يفضل أن يكون بيننا اليوم هنا في فيينا، ولكنني -يضيف الامير الفيصل- متأكد أنه موجود معنا بقلبه وهو يتابع تحقيق هذا الحلم الذي طالما حلم به.. لقد كان من دواعي السرور أن يتواجد هنا في النمسا ليعيش هذا الاحساس التاريخي الجميل مرة ثانية. ومضي قائلا: ان اختيار فيينا مكانا لهذا المركز لم يأت من فراغ او من قبيل المصادفة، فما هو معروف عن هذه المدينة من تميز وابداعات فنية وفكرية يجعل من هذه المدينة نقطة التقاء واتفاق وسط الاختلافات العالمية.. واذا اخذنا في الاعتبار مركز فيينا المتوسط بين اوروبا، فان هذا المركز يجعلها المكان الاكثر ملاءمة كمركز للتقريب والتسامح بين الشعوب. مطلوب من المركز أضاف الأمير الفيصل: إن هذا المبدأ يشكل جوهر مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي انطلقت من مكةالمكرمة مهد الدعوة الاسلامية.. لقد جاء النداء الذي وجهه الملك عبدالله لكل دول العالم بمختلف دياناتها وثقافاتها ومذاهبها ليعكس مبادئنا الانسانية الجادة في تحقيق السلام والتعايش والاحترام.. ولاشك ان المركز هو ثمرة لجهود طويلة بدأت بمكة مرورا بمدريد ثم بنيويرك وانتهت بفيينا.. وهذا يعني اننا انتهينا من مرحلة التنظير لمرحلة تحقيق الاهداف. وشدد الأمير الفيصل على أن ما نأمله ونتطلع اليه ان يجسد المركز الانطلاقة المرجوة نحو تشجيع حوار انساني هادف وبناء يعزز التلاقي بين الاديان والثقافات.. كما أن المطلوب والمأمول من المركز أن يكون الباعث على حوارات مستمرة تتناول القضايا التي تشغل المجتمعات الانسانية والتي كانت السبب في الحروب والصراعات والجرائم البشعة.. كما ادت الي موجات العنف والتطرف والارهاب بكل اشكاله. رسالة من الرئيس النمساوي وكان الرئيس النمساوي هانز فيشر قد بعث للحاضرين برسالة متلفزة تم بثها في حفل الاحتفال معبرا عن ترحيبه بضيوف فيينا ليلة تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي، وقال: لقد عكست الأحداث الأخيرة الخطر الذي يكمن في الابتعاد عن الحوار.. ومن ثم لابد أن نبحث الآن ونتابع البحث عن خيارات جديدة لتعزيز التفاهم.. إنني مؤمن بأنه من خلال الحوار سنصنع المستقبل المبني على الاحترام والعدالة والتسامح والتعددية، ولدينا تجربة فريدة في التعددية في الاجناس واللغات وكل شيء.. وأمام هذه الحقيقة اصبحت النمسا محورا للحوار بين الثقافات والاديان سعيا لتحقيق الديمقراطية والسلام.. وجاء مركز الملك عبدالله كنقطة تحول ومبادرة مهمة لا تتفق فقط مع مبادئ النمسا وانما تشكل انطلاقة فريدة في مواجهة الاحداث الدامية. واضاف الرئيس النمساوي ان العالم يحتاج لهذا المركز بشدة كي يصبح أداة لتمكين ممثلي الاديان والثقافات من أن يلتقوا لوضع الحلول الجذرية للتحديات الموجودة.. كما لاشك في ان المركز فرصة فريدة للاعتراف بالتعددية كقيمة انسانية مضافة ستدعم الحوار البناء والحوار السلمي. من العاهل الاسباني بدوره حرص العاهل الاسباني على تأكيد أهمية المركز في تعزيز الثقافات والحوار بين الاديان، وقال ان اسبانيا لها تاريخ عريق في حوار الاديان والثقافات، ولذلك بادرنا بدعم مبادرة الملك عبدالله الذي اتقدم بشكري الجزيل اليه على هذه الرؤية الثاقبة والخطوة التي قام بها.. كما أشكر النمسا على استضافتها لهذا المركز، متمنيا له النجاح في تعزيز الاحترام المتبادل بين الأديان والأطياف والثقافات. أضف الي ذلك ان ضعف الوازع الديني ادي الي انحسار الفضائل، فضلا عن ضعف دور الأسرة في المجتمع الانساني.. ولعلنا نلاحظ كذلك كيف انتشر الظلم والفساد وشاعت الجرائم واتسعت دائرة الآفات الاجتماعية والأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية، وعلى نحو غير مسبوق وبطريق غير معهود.. إننا نتمنى ألا يقتصر دور المركز على إنهاء النزاعات واقرار روح التفاهم بين الاديان والثقافات، وإنما نأمل أن يشتمل دوره على الالتزام بعودة القيم والمبادئ الاخلاقية. مرحلة جديدة إن مبادرة الملك عبدالله ترتكز على مبادئ روحية وأخلاقية تدعم الفكرة.. ومن حسن الطالع أن وجدت صداها في العالم المتحضر، ومن الواضح أن القائمين على المركز يعتقدون أنه مركز عالمي لقادة الفكر والعلم وهو الأمر الذي يتيح له التعاون مع المنظمات الاخرى وهذا من شأنه تعزيز العدالة وتعميق روح التسامح واحترام الآخر، ومنع الاساءة للرموز الدينية والعبث بالمؤسسات ودور العبادة.. إننا نأمل كذلك أن يتمكن المركز من مساعدة الشعوب في النظر الي المستقل بروح التفاؤل بعد أن طغت عليها اليوم روح التشاؤم وانعدام الأمن. ومضى الأمير الفيصل قائلا: الآن وقد وضعنا أقدامنا على أعتاب مرحلة جديدة يسعدني أن أتقدم بالشكر لحكومة جمهورية النمسا وحكومة مملكة اسبانيا، ولحاضرة الفاتيكان والقيادات الدينية والروحية الذين نقلوا المبادرة من حيز الفكر الى مجال الممارسة وكأني بهم يتطلعون الي أن يسفر انشاء هذا المركز في تكوين منظمة انسانية تحمي الموروثات والقيم والمصالح المشتركة لعالمنا في مواجهة سيل عارم من تراث المشكلات والأوضاع الصعبة.