سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وجدتها.. وجدتها.. معلمو الباطن هم الحل! لا يمكن تفسير تجريم فكرة معلمي الباطن، في الوقت الذي يُتَغاضى فيه عن مقاولي الباطن وأصحاب المؤسسات، إلا أن يكونوا ذوي أركان شديدة!
(الباطن).. مفهوم شاع خلال السنوات العشر الأخيرة؛ حينما أفاق المجتمع السعودي على آلاف المشاريع التنموية التي تباينت بين المرتهَنة لأدراج بعض الوزارات، والمتعثرة في سيرها منذ سنوات، والخدجة التي لا تفي حتى بربع عمرها الافتراضي، مع العلم أن ميزانياتها أضعاف أضعاف ميزانيات المشاريع التي قامت زمن (الطفرة الأولى) فسُلِّمت في وقتها، ولا تزال محتفظة بجودتها، فأضحت شاهد عيان على فترة تولَّت عُرِفت ب(زمن الأمانة). فإذا ما أدركنا أن المشاريع التنموية تخدم شرائح المجتمع كافة، وأن عجلة التطور والازدهار في البلاد تقوم عليها، وأنها نواتج طبيعية للخطط التنموية، وبدونها لا يمكن أن تقوم في البلاد نهضة حضارية يُعتدُّ بها، عند ذلك يتفتَّق من رحم هذه الحقائق سؤالان ممزوجان بكثير من الحسرة والألم. الأول: كيف يسوغ للوزارات المعنية أو من يهمه الأمر أن تَبقى الحال كما هي دون تدخل جراحي يجتث هذا الورم الخبيث من أصله؟ الأخير: إن كان لدى الوزارات أو من يهمه أمر هذه المشاريع من مسوِّغ للحال القائمة؛ كأن يرون أن (مقاولات الباطن) ذات نفع وأثر إيجابي لا يعلمه المواطن، فلماذا تَظل (طبخة الباطن) حصرية على المؤسسات المتلقِّفة للمشاريع التنموية دون غيرها؟ بناءً على ما سبق، وبناء على تكدُّس خريجي الجامعات المؤهلين للتعليم، وبناء على ازدحام الفصول الدراسية بالطلاب، وبناء على العجز الحاصل في عدد المعلمين في مدارس التعليم العام، فإنه يحق لي أن أستعير من (أرخميدس) مقولته الشهيرة، فأقول وبكل فخر: «وجدتُها وجدتُها»! نعم وجدتها؛ وذلك بأن يَعهد المعلمون القائمون بأمر التربية والتعليم بمهامهم المنوطة بهم -على طريقة مقاولي الباطن- إلى فئات ثلاث تحت مسمى (معلمِي الباطن) مقابل نسبة من مرتباتهم. والفئات الثلاث هي: (الخريجون التربويون الذين على قائمة الانتظار، والمعلمون المتقاعدون، والوافدون الذين يحملون شهادات صلاحية لممارسة التعليم). هذه الفكرة لها فوائد تخفى على الكثير، لكن لا بأس من ذكر بعضها، ومنها: تخفيف حدة مطالبات الخريجين لوزارتَي التربية والخدمة المدنية بالتعيين، وصرف ميزانيات هاتين الوزارتين في ما هو (أهم وأنفع)، وتخفيف نسبة البطالة في المجتمع، وتوفير مصدر رزق للأسر، وتقليل المستفيدين من حافز، والاستفادة من خبرات المعلمين المتقاعدين، والإفادة من تجارب المعلمين الوافدين، وضمان استمرارية المعلمين في مهامهم حتى آخر شهقة. أرأيتم كيف أن الفوائد جمة، بل تفوق فوائد مقاولي الباطن؟! والأعجب من هذا كله أنه لا ضرر يترتب على الطلاب؛ كون معظم معلمي الباطن أكثر كفاءة ورغبة في العمل من المعلمين الممارِسين للمهنة، والعكس تمامًا ينطبق بحق مقاولي الباطن الذين يعهدون بالمشاريع لشركات أقل كفاءة وإمكانات منهم. قد تعجبون من الفكرة، ولكنَّ الأَولى أن تعجبوا من آلاف المشاريع التي تقوم عليها مصالح المواطنين ولم ترَ النور بسبب مقاولي الباطن، حتى وصلت في منطقة مكة وحدها (319) مشروعًا متوقفًا ومتعثرًا، وقُدِّرت تكلفة المشاريع المتعثرة فيها بحوالي (44) مليار ريال. وعلى مستوى المملكة بلغت (ترليون) ريال خلال الأربع سنوات المنصرمة! والأَولى أيضًا أن تعجبوا من آلاف المؤسسات التجارية التي (يستحلبها) الوافدون باسم المواطن، بل وصلت الطبخة لبعض أئمة المساجد! وبعد.. فلا يمكن تفسير تجريم فكرة معلمي الباطن، في الوقت الذي يُتَغاضى فيه عن مقاولي الباطن وأصحاب المؤسسات، إلا أن يكونوا ذوي أركان شديدة! [email protected] [email protected]