وصف الباحث محمد عبدالرزاق القشعمي بداية روّاد الكتابة في الوطن العربي بالهزيلة والمتباينة بين الضعف والقوة، مرجعًا سبب ذلك لسطو بعضهم على جهود الآخرين ونسبها لأنفسهم، يساعدهم في ذلك عدم وجود تنظيم ورقابة مهنية توضح الأمور وترجعها إلى نصابها. وقال في محاضرته «الروّاد وبداياتهم مع الكتابة» والتي ألقاها بنادي المدينة الأدبي قبل أيام، تتبعت ما نشره الروّاد لأكثر من نصف قرن ورصدت اعترافات بعضهم أثناء حديثهم عن تجربتهم الأدبية وأنهم أغاروا على جهود غيرهم ونسبوها لأنفسهم لنيل إجازة أصاحب الامتياز وملاك الصحافة الفردية في تلك الحقبة وحجز مساحة للنشر في الصحافة المحلية، مشيرًا إلى أن دافعهم كان المفاخرة والمباهاة وسط مجتمعاتهم. ولفت القشعمي إلى أن الصحافة بدأت على يد الأفراد وكانت مادة المقال الصحافية تشكل المكوّن الرئيسي لها ولم تكن في ذلك الوقت تعطي جانبًا كبيرًا للرأي أو الخبر إلا ما كان من أخبار الدولة الرسمية. واستشهد بنصوص صحفية توثق اعترافات روّاد الكتابة في الوطن العربي ووصف شعورهم نحو أول عمل نشر لهم في الصحف المحلية، مشيرًا إلى أن مشاعر الروّاد تباينت في أول منشور لهم بين معتز فيه وخجل ومتبرئ منه لضعف محتواه العلمي والأدبي وصحته اللغوية. كما أشار إلى أن ما دفعه للبحث في بدايات الروّاد في الكتابة جاء بعد تحقيق صحفي نشرته صحيفة البلاد السعودية في عددها 790 وتاريخ 1/4/1368 عندما خصّصت صفحتين من عددها بعنوان «الروّاد وبدايتهم مع الكتابة» رصدت فيه مشاعر 4 روّاد وبدايتهم مع الكتابة ووصف شعورهم في أول عمل ينشر لهم ومنهم الزمخشري والعقاد وعبدالقدوس الأنصاري. وأمتدح القشعمي زاوية «دنيا الطلبة» ومشرفها الأديب الراحل عبدالرزاق بليلة ووصفها بأول صفحة خاصة تهتم بنشر مشاركات الطلاب وتبرز مواهبهم الكتابية واستطاع «بليلة» عبر صحيفة البلاد السعودية أن يستقطب أعدادًا كبيرة من الشباب والطلبة ويشجعهم على الكتابة ويجعلها متنفسًا لهوايتهم الأدبية وكانت هذه الصفحة محطة انطلاقة لعدد من الكُتّاب الذين اصبحوا فيما بعد رموزًا في الكتابة والصحافة من بينهم طاهر زمخشري وعبدالقدوس الأنصاري وحسن نصيف ومحمد عبده يماني وعبداللطيف الميمني ومحمد سعيد طيب.