لا يمكن لمصري دافع وما يزال عن الثورة والثوار أن يسعد أو يرضى بحكم الفرد المستبد أو الفرعون الطاغي، وإلا تناقض مع نفسه، وخان مبادئه التي تربى عليها ويسعى لترسيخها.. ولكن! لا يمكن لمثلي أن يعترض على إقالة النائب العام، أو يرفض إقامة نيابة لحماية الثورة، أو يمتنع عن إعادة محاكمة القتلة والسفاحين والمجرمين، وإلا تناقض مع نفسه وخان مبادئه التي تربى عليها ويسعى لترسيخها!! لا يمكن لمواطن تحرر أن يرضى بالديكتاتورية حتى ولو كانت لمقتضيات الحال وضرورات الساعة، ولا إهانة القضاء ولو لربع ساعة،.. ولكن! لا يمكن لعاقل أن يرضى بأن تحكمه قيم الزند ومبادئ مرتضى منصور اللذان فوجئت بعمرو موسى بينهما (محشور)! سيقولون لك إن الرئيس أو من أعد له القرارات دس السمّ بالعسل.. سم الديكتاتورية في عسل الثورة والحرية، لكن الغاضبين أو جلهم خلطوا بين رفض مرسي ورفض الثورة، بين رفض القرار المريع والعودة للماضي الفظيع! وخلاصة الأمر أنهم كلهم جاءوا للميدان متأخرين! قرارات الرئيس جاءت متأخرة.. وبعد أن انصرف من حوله الآخرون من غير الإخوان، وهبة البرادعي وانتفاضة حمدين، وحركات عمرو موسى جاءت أكثر تأخرًا بعد أن يئس منهم الكثيرون! لقد خلط أطراف لعبة شد الحبل بين الانتصار للحق المبين وبين الخداع والتواطؤ اللئيم.. بين الانتصار للثورة وبين إشعال النار في الهشيم! لقد نسي هؤلاء كلهم أن الفائز منهم مهزوم حتى وإن انتقل من الدفاع للهجوم! لقد فاتهم بعد أن تأخروا كثيرًا أن طعم الانتصار سيكون (علقم)، وأن وهج الثورة على أياديهم سيتحول إلى ليل معتم، وأنهم سيدخلون مصر في التيه المبهم! استمع لهتافات الميادين ودقق فيها جيدًا! لقد أصبحت كلها أو جلها واهية كبيت العنكبوت! بل أنها اصبحت لا تنبئ عن حقيقة الميدان وإنما عن أنينه المكبوت! لقد دخلت مصر بفضل جهود هؤلاء جميعًا الى مرحلة الانشطار الكامل التي سبق لي التحذير منها فمن قسمة الميادين الى قسمة الشوارع.. ومن قسمة المنابر الى قسمة المساجد.. أصبحنا بفضل جهودهم فريقين مترصدين وناقمين لا متنافسين ومتسابقين في حب مصر. استمعت لمناضل مستقيل يقول إن مصر كلها الآن في بيت الأمة.. البرادعي وصباحي وموسى واسحاق، واستمعت لآخر يقول إن حسان ويعقوب والمراكبي والسرساوي موجودون! إنها الغُمة التي حولت ميادين مصر إلى مسامير وحفر ومطبات ودوائر، وشعارات الثوار إلى ألغام وسكاكين ومجامر، وأهداف الثورة الحقيقية إلى مدافن ومقابر! انتبهوا أيها السادة الأساتذة والدكاترة والعلماء والمشايخ وأنتم تشعلون النار في أجيال الأمة.. لن ينفعكم أنكم استبقتم وتركتم أو ترككم أخوكم، لن ينفعكم أن تأتوا بدليل الدم والرداء لأن مصر ستصرخ في وجوهكم قريبًا لتؤكد أنكم الجرم والشركاء! [email protected]