دائما ما كنت أتفكر، ومنذ المرحلة التعليمية المتوسطة (وما أجملها)، في ظاهرة يشاهدها الجميع، ألا وهي عدم الرضا بالحال، ويتجلى ذلك عند النظر إلى ذلك الطالب، الذي احتل المركز الأول على مدرسته (في التحصيل العلمي)، وهو يبكي بشدة، مع تردي حالته النفسية، نظير خسارته (ربع درجة) في إحدى المواد، وفي الاتجاه المعاكس، وعلى النقيض تماماً، ذلك المهمل البليد، الذي يسوّد وجهه ويصفر، وهو في حالة من الترقب والتخوف، حذراً من الرسوب، راجياً ومتأملا، أن يتم له النجاح (ولو على الحافة). الحقيقة أني منذ ذلك الحين، وأنا أتأمل في كل ما هو نقيض، فإن نظرت إلى ذلك الشخص النحيل، المتهيكل، تجد بأن أسمى أمنياته أن يمده الله بكم كيلو من اللحم، يروي بها عظمه، في حين أن التخين المتين يركض ويلهث، رغبة منه ورجاء، في أن ينقذه الله مما ابتلاه من شحوم.. وقس على ذلك الكثير من الأمثلة والمقارنات المتناقضة، والتي تتفق بكل تأكيد على عدم الرضا عن هذه الحياة الدنيا، لنستخرج أن هذه الحياة خلقنا فيها لنكبد، وأن ليس كل من فيها سعيدًا، وما من شخص يحمل الرضا التام عن نفسه مهما حقّق أو أخفق في الإنجازات، إلا من أعطى الدنيا قدرها، وعلم أن السعادة والرضا في جنات النعيم؛ بعد ما قدم من عمل صالح، وإخلاص لرب العالمين، وربط أمور الدنيا بالتقرب إلى الله، والتوكل عليه، ليطمئن القلب وتسلم الجوارح، وتنشرح الصدور بنور الطاعة ويقين الإيمان، مع السعي لتحسين الذات، وتحقيق المنجزات، وتعليق القلب برب السماوات، لنجمع بين خيري الدنيا والآخرة. ختاماً.. أدعوكم لتأمُّل قول المولى عز وجل: (وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ). تويتر: aalquaid@ [email protected]