هل يُعد التفاؤل بتحسّن الأوضاع الاقتصادية والإدارية والسلوكية المتدهورة، في كثير من المجتمعات العربية، دون وجود قواعد ينطلق منها التغيير نحو الأفضل، أو خطط تنفيذية واضحة، هل يُعد ذلك تفاؤلا أم سذاجة ؟!. هل يمكن للأمل أن يحيا في قلوبٍ تغصُّ بهموم تأمين لُقمة العيش، ومحاولات تفادي خط الفقر، نتيجة بِطالة غير مُبرّرة، وانحسار فُرص تملّك مسكن لائق، وانتشار الجشع والغش، في ظل ترقّب طويل لتطوير أنظمة إدارية لايمكن لبعض المتنفذين اختراقها، بل تُشجِّع على التنافس، بعيداً عن الانتهازية والوصولية والنفاق والمحسوبية ؟!. أين نور الأمل، في خضم عدد الشكاوى، والانتقادات، ومقالات الرأي، التي تناولت أداء مؤسسات حيوية، دون أن يتغير أداؤُها إلا إلى الأسوأ، في ظلّ مُماطلة بعض المسؤولين في تنفيذ قرارات مهمة، وإِهمالِهم الرّد على ما تنشره وسائل الإعلام من انتقادات واستفسارات ؟!. كيف يُمكن إقناع كثيرين في المجتمعات العربية بجدوى التعلّق بالأمل، وقضايا المرأة، ومشكلات التعليم، واضطرابات السلوك الاجتماعي، وقُصور الخِدْمات الصحّية وتدهورها، وانتشار التجاوزات الإدارية، وحوادث السيارات المتنامية نتيجة الانفلات المروري والأخلاقي، إضافة إلى غلاء المعيشة غير المنضبط بمعايير يمكن فهمها، وسوء تنفيذ بعض المشروعات الأساسية، مازالت عالقةً تستنزف أوقاتا ثمينة، وطاقات أثمن، و تدور في حلقة مُفرَغة من الأخذ والرد منذ عقود، بشكل يعُوق التقدم إلى مصافّ المجتمعات التي تجاوزت خلافاتها، وأنهت إنشاء بنيتها الأساسية منذ زمن، والتفتت إلى تحدّياتها العلمية والتقنية. في رأيي أن الأمل في مُستقبل واعد، بمعانيه الواقعية، ضرورة نفسية يحتاجها المواطن العربي ، ليستمر في العطاء ويقتنع بجدوى العمل، لكن ذلك لا يتأتّى إلا بإرساء منظومة مؤسساتية مُتكاملة، ترتكز على مبادئ العدل الفِئَوي، تُفعَّل فيها أنظمةٌ نزيهة تفتح مجالات الفُرَص المتكافِئَة، وتُحفِّز على إتقان العمل، وتطرد الشعور بالإحباط واليأس، ولا تعتمد على الولاءات الشخصية، كما أن نبذ أساليب "التطنيش" والإقصاء، والإسراع في تنفيذ مشروعات حيوية مُتعثرة، كفيلٌ بقطف ثمار التفاؤل والانتظار، حتى لا يكون فَرْط الأمل تَواكُلا، أو باعثًا على الضّجر، أو مجرّد أغنية قديمة للسيّدة "أم كُلثوم" يقول مطلعها: "بالأملْ أَسهَر ليالِي، في الخَيال وابْني عَلالي" !!. [email protected] [email protected]