من المُتّفق عليه أن للقوى البشرية أهمية قُصوى في أي نظام إداري كي يؤدي دوره المطلوب، لكن البشر يميلون بطبعهم إلى الاجتهاد، ويتعرّضون للوقوع في الخطأ، ويغلُب على كثير منهم الانحياز والمحاباة والمِزاجية، وقد يصل الأمر ببعضهم إلى التواطؤ على اختراق الأنظمة، وتخطّي القوانين، خاصة لدى قصور دور الرّقابة والمُحاسبة، مما يساعد على انتشار الفساد، وتضييع الحقوق والواجبات. وكلّما زادت ضبابية الأنظمة، وتُرك تفسيرُها وتنفيذها لمزاجية عدد محدود من المديرين وأصحاب القرار، قَصُرت تلك الأنظمة عن أداء مهمّتها، واهتزّت هيبتها، وسَهُل اختراقها، لذلك اعتمدت كثيرٌ من المجتمعات المتقدمة في تسيير دفة العمل الإداري على العنصر التِّقني الذاتي، وقلّلت من تأثيرات الكادر البشري، وقلّصت نُفوذ المتسلّطين، فتبنّت الإدارات الإلكترونية التّلقائية، وسخّرت الإمكانيات التقنية، كالرسائل القصيرة والبريد الالكتروني، لتسهيل أداء المواطنين والمقيمين لواجباتهم، وتسليمهم مُستحقّاتهم، وتحقيق رفاهيتهم، دون الحاجة إلى ترقّب إنهاء اجراءات المعاملات من إدارة مركزية تعتمد بيروقراطية عقيمة، أو استعطاف أحد من الموظفين، أو استجداء أحد من المسؤولين. ولا يعني هذا التقليل من أهميّة دور الموظفين والعاملين، أو إهمال تدريبهم، أو التقصير في رفع كفاءاتهم المِهْنيّة، لكن هذه التقنيات الحديثة لم تعد تَرفًا، بل ضرورةً مُلحّةً في مجتمعات تشتكي استغلال بعض المُتنفّذين لمناصبهم الإدارية وسُلْطاتهم التنفيذية، وتعاني من تعثّر المشروعات وسوء تنفيذها، فأنظمة الإدارة الالكترونية، تهدف إلى دعم أداء الموظفين المُؤهلين، وضمان إنجاز المعاملات بصورة نزيهة وعادلة، في وقتٍ أسرع، وتحت مراقبة تقنية دقيقة، تُقوّم الأداء وترفع الكفاءة، وتَحُدُّ من قابليّة الأنظمة لانتهازها من المضطربين أخلاقيا، ومَن نامت ضمائرهم، أو الذين يُحاولون نشر ثقافة الرّشوة والانتهازية والفساد الإداري، فكلُّ معاملة إدارية، لها خُطوات إلكترونية، معلومة المنهج، واضحة الملامح، تكشف عن شخصيات كل من شارك في إتمامها، أو حاول التلاعب بإجراءاتها !. [email protected] [email protected]