مهما كانت الوصايا والحكم التي يسطرها العلماء، ويصوغها الحكماء بليغة فإنها تعجز أن تبلغ مبلغ بلاغته صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم يوصي أحد أصحابه :"اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن"، فقد جمعت الوصية علاقات لا ينفك الإنسان عنها، أولها العلاقة بالله تعالى، وهي أهم العلائق التي لا يستغني عنها المسلم، ولابد أن يستحضر قرب الله منه في كل وقت، واطلاعه عليه في أي مكان كان، "اتق الله حيثما كنت". ولما كان المسلم لا يزال يقع في المعاصي والزلات والهفوات، كان من الضروري أن يطهر نفسه باستمرار، فما أن تزل قدمه حتى تراه مبادرًا مستغفرًا تائبًا، يتتبع الحسنات ليمحو بها السيئآت، وهنا يعلم المسلم علم اليقين أن الله يريد به خيرًا، فأبواب الرجوع قريبة المنال، والله لا يمل يعفو ويصفح عن عبده "وأتبع السيئة الحسنة تمحها". والإنسان يعيش في مجتمع يحتك بأهله ليل نهار، لا يفارقهم ولا يفارقونه، ولربما ابتلي ببعضهم فلقي منه شرًا وسوءًا، كان لابد أن يدفع عن نفسه كل سوء وأذى، بأسلوب راقٍ، ومنهجية نبوية، فما هو الأسلوب الأمثل لذلك؟ إنها وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم "وخالق الناس بخلق حسن"، فإن لحسن الرد والدفع أثرًا ساحرًا، ووقعًا رائعًا، وقد وصف المولى سبحانه وتعالى أثر حسن الرد والدفع بقوله "ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".