إن حسن الخلق عبادة عظيمة حث عليها الدين الإسلامي, و رغب فيها ترغيبا كثيرا لما فيها من الأجر و الثواب , و لما لها من آثار محمودة بين المسلمين , فهي سبب رئيس في نشر المحبة بين القلوب , و إزالة الهموم من النفوس , و الشعور بالإخوة و الترابط الإسلامي بين فئات المجتمع , فقال تعالى : ( و قولوا للناس حسنا ). و قد اثني الله على رسوله محمد صلى الله عليه و سلم فقال: ( و إنك لعلى خلق عظيم ) سورة القلم آية 4 , و يقول صلى الله عليه و سلم :( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) فقد كان صلى الله عليه و سلم قدوة الأمة الإسلامية في مكارم الأخلاق و القيم السامية والهدى إلى الخير و الحق , فهو السراج المنير والبشير النذير , فقد كان خلقه القرآن قولا و عملا , و سار على نهجه و سنته القويمة صحابته رضوان الله عليهم جميعا , و قد أوصى أمته جمعاء على التحلي بالأخلاق الفاضلة فقال صلى الله عليه وسلم : ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي و قد ذكر الله كثيرا من عباده المؤمنين بالصفات الحسنة كالذكر و الإنفاق و الصدق و الوفاء و أداء الأمانة و كظم الغيظ و العفو عند المقدرة فقال عز و جل : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) / آل عمران / 133-134 , لذلك ينبغي على المسلم أن يقتدي بالرسول صلى الله عليه و سلم كي يهتدي إلى طريق الحق و الصواب , و يحرص على التحلي بحسن الخلق لأنه سبب في دخول الجنة: فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم (ما أكثر ما يدخل الناس الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق) رواه الترمذي , ويثقل ميزان المؤمن يوم القيامة , فقد قال صلى :الله عليه وسلم ( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء) ر واه الترمذي , و يدل على كمال إيمان قال رسول الله عليه وسلم (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) رواه الترمذي , و من يتصف بالأخلاق الكريمة يكون قريبا من الرسول كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا ) لذلك ينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه على الطاعات والمبادئ و القيم الكريمة , و أن يتحلى بالأخلاق الطيبة و السجايا الفاضلة في جميع ميادين الحياة , و أن يبتغي فيها مرضاة الله و الأجر, لا سيما أنها من العبادات التي لا تزيد المؤمن إلا خيرا في الدارين , و تقربه و تجعله محبوبا عند الله و رسوله و خلقه , و يدرأ بها عن السجايا السيئة . وإن حسن الخلق أخي القارئ صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين بها ينال المسلم أعلى الدرجات , و بها يبلغ أرفع المقامات . و هي عبادة عظيمة جمعت صفات كثيرة من مكارم الأخلاق كالمحبة وتآلف القلوب , و الحياء والتقوى والأمانة والصدق والتعاون و الإخلاص , و تهذيب النفوس والجوارح بالقيم الحسنة . و من حسن الخلق بشاشة الوجه، و بذل المعروف، و كف الأذى عن الناس، والعفو عن الآخرين , و مقابلة السيئة بالحسنة .