التعهد بالتربية والتنشئة الصالحة والرعاية والوصاية ما هي إلا قاعدة وركيزة بناء لمستقبل الأبناء، وجميع هذه المهام تعد من أولويات دور الوالدين، ومتى ما فرطنا فيها تهدّم البناء وتبدد. حين ينتزع الله الرحمة من القلب فلا عهد يُصان ولا ذمة، ولا بركة تَرْبَى ولا حياةً تستقيم موازينها. والطالح يتساوى في المكانة مع الصالح. ثبت علميًا أن القسوة تولد القسوة، والجبروت يولد العنف ويحولان الإنسان إلى وحشٍ كاسر يصعب مع الأيام كبح سطوته، فما بالكم إذا أُشْرِبَتْ تلك السيئات في قلب أحد الوالدين أو كليهما! وما بالكم إذا كان أحدهما أو كلاهما مكمنًا تفوح بين جنباته رائحة الطغيان.. تنكيلاً وحرقًا وقتلاً! وما بالكم إذا كانت الولاية والوصاية والتربية في منظور أحدهما أو كليهما لا تتكامل إلا بالرق والاستعباد، وكأن آل بيته الذين يحتمون بجنابه ويطلبون الأمان على أعتابه ليسوا إلا أعداءً له. أحد الآباء المعنفين سابقًا يقول: حين كنت صغيرًا على مقاعد الدراسة أمطرنا معلمونا بالمثاليات ولقّنونا فروض الطاعة والولاء لوالدينا، وأشبعونا بصور المنازل والأسرة ملتفة حول التلفاز!!، هذا الوالد وهذه الوالدة وهؤلاء الإخوة والأخوات.. بماذا وصانا الله؟! وما حقوق والديك عليك؟!، والواجب آية من القرآن الكريم تشير إلى بر الوالدين. لم يدر في ذهني يومها أن أسأل معلمي لم غُيبت الصورة والأسئلة المتعلقة بحقوق الآباء على الأبناء في مناهجنا؟! أو ربما أن الخوف تملكني ففضلت الصمت قهرًا! وسلمت الأمر كله لله، كل ذاك كان يدور حولي يومًا إثر يوم.. ووالدي لازال يزداد إصرار على أن يمارس على جسدي ولايته بالجنزير والنار. مرصد.. قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: (الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش، ومائل إلى كل ما يُمال إليه، فإن عوِّد الخير نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وإن عوِّد الشر وأًهْمِلَ إهمال البهائم، شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه). [email protected]