تندس بيننا في عتمة الغفلة وجوهٌ حلّت بها لعنة الضلال، وجوه أبت إلاّ أن تتدثر بأثواب الخيانة، وتقتات على رائحة الدم، وجوهٌ غافلتنا في ظل تخبط الشباب من الجنسين بين الطموح والطريق إلى الهدف، فامتدت إليهم يد الغدر لتخطف أحلامهم، وترسم لهم طريق اللاعودة، وألقت بهم في مستنقعات التشرد والتشتت والموت. زهرات قلوبنا وماء عيوننا.. لِمَ يحدث لهم هذا؟ وما الذي يدفع أولئك البراعم إلى تسليم أنفسهم هكذا بكل بساطة إلى فئة تعلم عنها تمام العلم أنها جانبت طريق الحق والصواب، هل نُرجع ذلك إلى غياب القدوة؟ أم أن الذي أفرز هذا التوجه هو تقصير الأسرة في التربية أو تشددها، أم كان لرفقاء السوء دور رئيس في ذلك كله؟ أم أنها الحاجة التي تبرر الوسيلة؟ ولو كانت كل تلك الأسباب مجتمعةً ألم يحاول ذلك الشاب المغرر به أن يختلي بنفسه ويسألها: لو كانت تلك الفئة التي انْضَمَ إليها تهدف إلى الجهاد كما تزعم! فما هو معنى الجهاد من منظورهم؟ ومَن يجاهدون؟ ولماذا؟ وما هو مفهوم الجهاد الحق؟ وما العلاقة التي تربط بينه وبين سياسة الإرهاب والتهديدات التي ينتهجونها؟ ولو كانت الحاجة هي الدافع الذي أجبره على الالتحاق بتلك التنظيمات، فما المقابل الذي يجنيه نظير تسخير نفسه في خدمة فكرهم واعتناقه؟ ومَن المنتفع الحقيقي من ذلك؟ وإن كان الهدف هو بلوغ الجنة، فمن منَّا لا يتمناها؟ كلنا نتمنى دخول الجنة، ونسأل الله دومًا أن يرزقنا إيّاها ووالدينا وجميع المسلمين، ولكن هل كانت مخططاتهم سبيلاً للوصول إلى الجنة؟ ألم يسأل نفسه بعد كل تلك التأملات ما مصيره؟ ولماذا تراجع الكثير منهم؟. الحذر واجب، والمراقبة والمتابعة أصبحتا لازمتين، والتوجيه المباشر وغير المباشر، والمقدم من القدوة مطلوب سواء كانت من الوالدين أو المجتمع أو التعليم أو الإعلام، وهذا يحتاج إلى تكاتف الجهود في التوجه إلى الناشئة الصغار والشباب أولاً وآخرًا. مرصد: ما خفي كان أعظم.. حين تفتحت وجوه الحقائق أمام بعض الشباب الذين التحقوا بتنظيمات الفكر الضال، وجد الكثير منهم أنهم مدفوعون قسرًا إلى قاع مظلم لا حدود له، ولا عودة منه، شاء مَن شاء منهم، أو أبى مَن أبى!، والطامة الكبرى حين علموا أنه لا خيار لهم في التراجع.. فهو مرهون بالدم وسيكون ذووهم كبش الفداء!! وهذه سياسة تلك التنظيمات المضللة الضالة. [email protected]