معاناة من يتعاون مع الإذاعة كُتّابًا أو أساتذة جامعات أشبه بالمتنبي ذلك الشاعر الذي عانى من الحُمّى حينما سكنت عظامه فأفرد لها تلك القصيدة المشهورة.. فلا نفع معها علاج طبيب أو رقية معالج. ومن أجمل ما سمعت بين أروقة الإذاعة لقبًا أسموه «حُمّى المكافآت» من كثرة ترددهم على ذلك القسم كل صباح عسى ولعل ما يفرحهم بوصول شيك يحمل جزءًا من مستحقاتهم. إذا أردت أن تقدم فكرة برنامج أو تساهم بالتعاون مع الإذاعة عبر دعواتهم للمثقفين فعليك أن تضع أعصابك في ثلاجة وتنسى أن لك حقوقًا مالية لقاء ما تكتب وتعد من برامج وأن تمارس الصبر أشهرًا عدة حتى يأتيك الفرج ليهاتفوك بأن لك مكافأة برامج لشهر أو شهرين.. والباقي يفرجها الله. معاناة المكافآت ليست وليدة العام ولكنها نتاج تأخير سنوات. فيمتنع ويتوقف أكثر المعدين من خارج الوزارة عن الكتابة ويتأسفون على هدر حقوقهم المالية ويندمون على تعاونهم مع الإذاعة. الكاتب «عبدالله الجفري» يرحمه الله كتب مقالا قبل وفاته تعاطف فيه مع هؤلاء المتعاونين والموظفين الإذاعيين حول تأخر تلك المكافآت في فترة سابقة وتم صرف تلك المستحقات التي تجاوزت الأشهر الست لجميع المنتسبين من رسميين ومتعاونين حتى الواحدة من فجر ليلة عيد الفطر المبارك. المهم أن كل دورة إذاعية يصادق عليها معالي الوزير قبل بدايتها في شهر محرم من كل عام وربما تتأخر المصادقة أسابيع والمعدون شرعوا في تنفيذ البرامج الجديدة المكلفين بها والمعروف ان المصادقة تلزم الوزارة بحفظ الحقوق المالية التي جدولتها الشؤون المالية والإدارية بثلاثين مليون ريال تشمل جميع حقوق العاملين في جميع الإذاعات العام والثاني والموجهة والأوروبي بشقيه الفرنسي والإنجليزي ونداء الإسلام. فلو قسمت هذه المبالغ لوجدت أن المكافآت مليونين ونصف المليون كل شهر لكن أن تمر حتى الآن عشرة أشهر للمذيعين الرسميين وسبعة أشهر للمتعاونين من خارج الإذاعة ولا تصرف تلك المكافآت حتى الآن فهذا تساؤل نطرحه على الإدارة المالية في الوزارة أين ذهب بند المكافآت وفيما صرف إذا علمنا أن ما تم صرفه لا يتجاوز الملايين الخمسة. قيل لي إن متعاوني التليفزيون أوفر حظًّا من منسوبي الإذاعة وأنهم يحظون بالدلال أكثر من الإذاعة ولي في ذلك وقفة في مقال قادم بحول الله. تبقى لي الإشارة حدثني بها بعض الزملاء حينما ذهب مجموعة منهم يطالبون الشؤون الإدارية والمالية ويتساءلون عن سبب التأخير فذهلوا حينما رأووا تلك الإشعارات وقد تراكمت فوق بعضها البعض حتى تجاوز ارتفاعها مترًا في مكتب أحد مسؤولي تلك الإدارة لكنه يفاجئهم بقوله «لم تسألون.. وأنتم بعد تستلمون رواتب». كيف نطور برامجنا ونكسب قلوب مستمعينا وننهض بإعلامنا إذا كانت أبسط الحقوق مهدرة.. سؤال حيرني تمامًا!! -------- (*) باحث إعلامي