كثُرَ في هذا الزمن عقوقُ الآباء وانتشر، وأخذ صوراً متعددة فمنهم- كما رأى الشيخ محمد المُنَجِّد- مَنْ عَقّ أمّهُ وأطاعَ زوجتَه، وبَرَّ بأصدقائِه، وجافى والديْه، وجاهرَ بالسُّوء والفحشاءِ لوالديْه، وقهَرَهما، ونهَرهُما، ورَفعَ الصّوْتَ عليهما، وصَفَق الأبوابَ في وجهيْهِما، وقاطعهُما لأمورٍ دنيوية، وتأفَّفَ منهما، وغير ذلك كثير وكثير وكثير من العقوق الصارخ مِثْل الذي قال لأبيه: " أراحَنَا اللهُ مِنْكَ، وأخَذَ عُمْرَكَ !! وعجّلَ بِزَوَالِكَ يا شَيْبَةَ النّحْسِ !! ويا عَجُوزَ الوَيْلِ!! " قد لا يُصدِّق أحدكم ذلك، ولكنه حدثَ بالفِعْل، وأينَ ؟ في هذا المجتمع، فهل بعد هذا وقبْلَه عقوقٌ وأيُّ عقوق؟!. كما روى الشيخ صورة ثانية من صُور عقوق الوالديْن. فقد اعترضتْ أُمٌّ على ابنها لاستعماله المُخَدِّرَات. قال لها : " هاتي مالاً " فرفضتْ، وهي تعرفُ أنّه يريد أنْ يشتريَ بالمال مُخَدِّرات، فأخذ السِّكِّين، وجلس يطعن فيها حتى ظنّ أنها ماتت، فأخذَ النقودَ وهرب، فأخذتْ الأمُّ تصيح، وجاء الجيران والشرطة، وأمسكوا بالابن الجاني، وكان المَنْظرُ مؤلماً أمام القاضي في المحكمة، حيث توسّلَتْ الأمُّ بألاّ يُوقِعَ العِقَابَ بالولد. أما الشيخ صالح بن سعد اللحيدان، فقد روى قصة عقوق أبناء ثلاثة ( تُجّار كِبَار ) وضعوا أباهم- بعد أن بلغ من العُمْر عِتيّا- في غرفة ( ملحق 5 أمتار في 3 أمتار ) يعيش فيها ومعه الجُرْذَانُ، والنَّمْلُ، وخشَاشُ الأرض، وتركه أبناؤه ينام وحده، ويأكل وحده، ويشرب وحده، ويقوم ويقعد وحده في تلك الغرفة الصغيرة،ووضعوا له سريراً من حديد قديم، وفِرَاشا من قُطن بليد. من تحصيل الحاصل القول: إنّ عقوق الوالديْن نهى الله عنه، وحذّر منه أشدّ التحذير، وهو مُحَرَّمٌ قَطْعَاً، مَذْمُومٌ شَرْعَاً وعَقْلاً، ولتعريفه أستدلُّ بقول العلاّمة بن حجَر رحمه الله : " العقوق أنْ يحصل لهما أو لأحدهما أذىً ليس بالهَيِّنِ عُرْفَاً " ولذلك أوصى الله بالآباء خيراً، ونهى عن قطيعتهم وإيذائهم، أو إدخال الحزن عليهم، ولقد استشرى عقوق الوالديْن عند معظم فئات المجتمع السعودي، وأصبح آفة خطيرة تقض مضاجع الغيورين على بِرِّ الوالدين، ويدل على انحراف خطير عند فئات من المجتمع، ومن هنا أدعو إلى ضرورة تغليظ العقوبة على جريمة عقوق الوالديْن، وإصدار قانون ( نظام ) بتغليظ هذه العقوبة، وأقترحُ إنشاءَ مَجْلِسٍ أعلى لرعاية الكبار في العُمْر، وحماية حقوقهم. [email protected] فاكس: 4543856-01 [email protected]