أخيرًا وبعد مخاض عسير تمت مساء أمس الأول ولادة كيان سوري موحد تحت اسم "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" يضم تحت مظلته كافة أطياف المعارضة السورية التي يوحّدها هدف أساس هو إسقاط الطاغية نظام بشار الأسد، وحيث يتضح من الاسم أن الائتلاف سيكون المسؤول الرئيس عن أنشطة كافة قوى المعارضة في الداخل والخارج، بما في ذلك الأنشطة العسكرية داخل سوريا من خلال تشكيل قيادة عسكرية عليا موحدة. ولعل فتح "الائتلاف" الباب أمام انضمام أي قوة وطنية للانضمام إليه لاحقًا يعكس رغبة المعارضة السورية في توسيع قاعدتها وتطوير أدائها وتفعيل إمكاناتها من أجل التعجيل بإسقاط نظام بشار الاستبدادي، ودعم تطلعات الشعب السوري في الحرية والخلاص. هذا الإنجاز الذي تحقق مؤخرًا للمعارضة السورية، ورغم أنه تطلب ثلاثة أيام إضافية عن المدة التي كانت محددة لاجتماعاته، حمل في طياته عوامل النجاح عندما زاوج في الصيغة النهائية التي تم التوافق عليها بين مبادرة المعارض السوري البارز رياض سيف، وبين الثوابت التي يصر المجلس الوطني على التمسك بها، وفي مقدمتها إسقاط النظام، وحل أجهزته الأمنية، ومحاسبة المتورطين في إراقة دماء أبناء الشعب السوري وفي عمليات القمع والتعذيب، ورفض إجراء أي مفاوضات مع النظام أو رموزه. كما ينبغي الأخذ في الاعتبار عند الحديث عن عوامل ومظاهر هذا النجاح أن الكيان الجديد لم يلغِ الكيان القديم، لجهة أن "الائتلاف" يضم غالبية أعضاء المجلس الوطني. بالطبع فإن هذا الإنجاز الكبير لقوى المعارضة السورية، ليس إلاّ البداية لمسيرة تتطلب جهدًا شاقًا ومشتركًا من كافة أعضائه من أجل تحقيق الأهداف الوطنية لقوى المعارضة التي تعتبر أيضًا الأهداف ذاتها التي يتطلع الشعب السوري المرابط إلى تحقيقها، وحيث تتركز الجهود الآن على كسب اعتراف العالم ب"الائتلاف" باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري إيذانًا بإعلان حكومة مؤقتة، وهو ما يعني أيضًا ضرورة ومسارعة دول العالم لتلبية مطالب تلك الحكومة المؤمل تشكيلها في القريب العاجل، وتوفير كافة وسائل الدعم المادي والمعنوي لها. إنجاز المعارضة السورية الذي تحقق في الدوحة مؤخرًا يوجه ضربة موجعة للنظام، ويؤذن بزواله الذي بات وشيكًا أكثر من أي وقت سابق.