مصطلح (إسلامي) من حيث المفترض، يجب أن يكون منطبقًا على كل (مسلم)، فالمسلم إسلامي باللزوم، والإسلامي مسلم بالاقتضاء، ولكن في التاريخ المعاصر أصبح هذا المصطلح حصرًا على نوعين من الناس، وهما المتدين التقليدي، سواء كان رسميًّا، أو غير رسميٍّ، والحركي الذي يعمل للإسلام، سواء كان حزبيًّا أو غير حزبيٍّ. وفي مقالي هذا أعني جميع هؤلاء، ولكن الرسمي والحزبي من باب أولى، لأن الأول يمثل منهج الدولة، والثاني يمثل جماعة لها منطلقات وأهداف، ربما في غالبها سامية، ولكنها في ممارستها تقع في الكثير من التجاوزات، بعضها جماعي بنية حسنة، ولو كانت نتائجها سيئة وأسلوبها انتهازي، والبعض الآخر فردي إمّا باجتهاد حسن خاطئ، أو بتعمد لنيل مكاسب دنيوية من جاه أو مال. وعلى هذا فيفترض فيمن هو كذلك أن يلتزم بثوابت ومبادئ وأخلاقيات الإسلام، فلا يليق بالإسلامي أن يخطب الجمعة عن حرمة الغيبة، ثم تراه في مجلسه وحسابه بتويتر يخالف هذا تمامًا، والأسوأ حينما ينتقل من هذا الخطأ في ارتكاب منكر الغيبة إلى تبريره واستحلاله، فيكون الخطأ حينئذٍ خطيئة، ومثله مثل من يحتسي الخمر، فهو مرتكب لكبيرة، ولكنه حينما يستبيحه فإنه يرتكب مكفرًا، وكذلك فيمن يلقي المحاضرات، ويقدم الدروس، ويكتب المقالات، وينشر المؤلفات عن حرمة السب والشتم والغيبة والنميمة والتشويه والتشهير والكذب والإفك، وإلى باقي الأخلاقيات المحرمة في الإسلام، ثم تراه هو نفسه يمارس خلاف هذا تمامًا في حياته العادية والإلكترونية. وحتى لا يكون كلامي تنظيرًا باردًا بلا طعم ولا لون ولا رائحة، فهاكم تويتر نموذجًا على ذلك، ومن حسناته أنه خلع الأقنعة وأرغم الغالبية على الكتابة بأسمائهم الحقيقية، وصورهم الملونة، وحينها لم يستوعب الكثير منهم أنهم في مرحلة الشفافية تحت أشعة الشمس، فاستمر في طريقته السابقة إبان المنتديات والساحات، ونسي أنه بالأمس كان عاريًا أمام الخالق، ولكنه اليوم عارٍ أمام المخلوقين. ولأجل أن أكون أكثر صراحة، فإنني أتقدم لكل قارئ لهذا المقال بسؤال مباشر هو: مَن هم أكثر الناس غيبة ونميمة وكذبًا وإفكًا وسبًّا وشتمًا في تويتر؟ ويؤسفني أن الجواب لا يسر الخاطر، ولا يتوافق مع أبجديات منهجنا الإسلامي، فرأينا الكثير من المشايخ والقضاة والدعاة والأكاديميين، وهم يقعون في أعراض غيرهم بلا خوف من الله، ولا حياء من الناس، حتى بات المجتمع في صدمة ممّا يشاهدونه، ولسان حالهم يقول: هل هؤلاء هم الذين يخطبون فينا كل جمعة عن حرمة هذه الممارسات ثم يأتونها؟!، وبالتالي حينما تقل ثقة الناس في الإسلاميين بسبب شدة بعضهم وتطرفهم من ناحية، وتناقضهم بين ما ينظرون الناس به وبين ما يطبقونه من ناحية أخرى فلا نلوم حينئذٍ إلاّ أنفسنا، وما عاد الناس اليوم إلاّ أكثر وعيًا وإدراكًا وأمنع من أن يكونوا إمعات. ولكن هناك مَن سيخرج ويقول إن هؤلاء قلة قليلة ولا يجوز تحميل التيار الإسلامي مسؤوليته، فأقول له: إن سكوت البقية موافقة ضمنية على هذه المخالفات التي قلبوها من كونها أخطاء فردية مستنكرة، إلى كونها خطايا جماعية مستقرة، وذلك إمّا بتبريرها واستحلالها، وإمّا بالسكوت عنها، خصوصًا أنهم يملكون آلاف المعرفات في تويتر، ولهم فيه صولة وجولة، ويتسابقون في إصدار البيانات الفردية والتوقيعات الجماعية، ولم نرهم يومًا من الأيام يصدرون شيئًا من ذلك ليرشدوا به الناس وينكروا فيه على مريديهم الذين غمست أقلامهم في أعراض خلق الله، وهم يحسبون التقرب بها إلى الله جل وعلا، ومعاذ الله أن يقبل الله إلاّ الصواب الطاهر، وأمّا المنكر فإنّما يتقرب به إلى الشيطان، وإلى جهنم وبئس المصير. وختامًا لسنا بحاجة لنقد الآخرين بقدر حاجتنا لنقد أنفسنا وتقبل النقد علينا قبل أن نطالب غيرنا بذلك، وإلاّ فلسنا بإسلاميين، والإسلام من هذه الأخلاق والسلوك براء. [email protected]