بعد إعصار ساندي، الذي هبّ على أجزاءٍ من أمريكا، ومن ضمنها مدينة نيويورك العتيدة، عاد بعضُ الناس -بغير علمٍ- يُفسّرون قول الله عزّ وجلّ: (وَأنّهُ أهْلَكَ عَادًا اَلأُوْلَىَ) بأنّ هناك عادًا ثانية، هي أمريكا، وأنها سوف تُهلَك بريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ، مثلما أُهْلِكت عادٌ الأولى، وأصبحت من الغابرين!. أنا أعتبر قولهم من الإرجاف؛ لأنه تمنٍّ لا غير، وتنبّؤ غير مستند على دليل من القرآن الكريم، والسُنّة الشريفة، كما أنّ النصوص الواردة في التوراة والإنجيل ممّا يستندون إليها عن أمّة قوية تُفْنى آخر الزمان بالريح، قد تدلّ على أمريكا بقدر ما تدلّ على دولٍ كثيرةٍ غيرها، هذا إن كانت النصوص صحيحة، وغير مُحرّفة!. كما أزعم -والعلم عند الله- أنّ أمريكا ليست عادًا الثانية، حتى لو كانت تشبهها في القوّة، والظنّ بأنها الأشدّ قوّة، والاستطالة في البُنيان، والاستكبار في الأرض بغير الحقّ تبعًا لمصالحها، فهذه الأمور تفعلها كلّ أمّة قوية، وهي تختلف عنها بأنها ليست كافرة كلّها بالله، ففيها يتحول كثيرٌ من أهلها إلى الإسلام، حتى في الكنائس، وقد يأتي زمانٌ يسود فيها الإسلام، وفيها احترام للأديان، وعلى رأسها الإسلام، حتى بعد أحداث سبتمبر، وقد كانت عادٌ الأولى لا تُصدّر إلاّ الشرّ لغيرها، لكنّ أمريكا صدّرت للعالم العلوم والثقافات والاختراعات المفيدة، وعلاج الأمراض، ممّا استفاد منه حتى مَن يكرهها، وقد وقفت مع شعوب مستضعفة بغضّ النظر عن هدفها، فلا تنسوا إيقافها لعدوان فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مصر، وتحرير الكويت من العراق، وإزاحة الصِرْب الأشرار عن البوسنة، فيا ناس ارتاحوا، ودعوا الغيب لله، يُجلِّيه متى يشاء، وقوّوا أنفسكم مثل أمريكا، لكن بالحقّ، ذلك هو خير سبيل للتصدّي لأي عادٍ ثانية، أو حتى ثالثة!. تويتر: T_algashgari [email protected] @T_algashgari [email protected]