* هذه كلمات أسطرها -عن رجل لم أعرفه عن قرب ولم يتسنى لي الاختلاط به، ولكنني لمحته يومًا في مجلس معالي السيد أحمد زكي يماني قبل حوالى عقدين من الزمن فسألت الإنسان الوديع والمهذب محمد صلاح الدين -رحمه الله- عنه فأجابني: «إنه الشيخ أحمد يوسف زينل وأضاف إنه علم من أعلام الوطن». * وكان ما دفعني لسؤال المرحوم صلاح عن هذه الشخصية هو سمته الوقور ومظهره المتواضع وابتسامته في وجوه من يعرف ومن لم يعرف من رواد هذا المجلس -وسواه-. * يموت -اليوم- الإنسان أحمد زينل وتطوى معه، صفحات كثيرة من تاريخ مدينة «جدة» تمتد لحوالى قرن من الزمن ولعل من أهمها هو تاريخ مدرسة الفلاح التي أسسها في جدةومكةالمكرمة والبحرين وبمباي، المرحوم الشيخ محمد علي زينل، ويصف أحد رواد الفكر والأدب في بلادنا -معالي المرحوم السيد حسن محمد كتبي في قصة حياته دور هذه الشخصية فيقول: (حتى كان عام 1348ه حين وفد إلى مكةالمكرمة مؤسس مدارس الفلاح الحاج محمد علي زينل -رضا- وهو شخص بالنسبة للجيل الذي نعيش وبالنسبة لبلادنا يعتبر «المنقذ» لها بحق، المنقذ الذي اقتحم عرين الأسد المتوحش لينقذ الفريسة من بين براثنه، فقد كانت الحكومة العثمانية تقضي في إصرار وخبث على جميع مقومات الشخصية لسكان هذا البلد. * ويشير السيد الكتبي إلى أن زيارة الرائد محمد علي زينل كانت بقصد أن يأخذ نخبة مختارة من متخرجي هذه المدارس ليؤلف منهم بعثة تدرس تحت نظره في بمباي بالهند، ولقد حمل الراية من بعد المؤسس أفراد من هذه الأسرة يأتي في مقدمتهم هذا الرائد المتواضع الذي فقدناه -قبل أيام- والذي تعددت أوجه مشاركته في الأعمال الخيرية في بلادنا، إلا أن السؤال يبقى مطروحًا في كل مرة نفقد فيها رجلاً من رجالاتنا وعلمًا من أعلامنا في مختلف أوجه الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية وهو أين مدوناتهم التاريخية التي يمكن للأجيال القادمة أن تفيد منها وتجعلها نبراسًا لها في حياة لابد أن يكون لها قاعدة قوية تنطلق منها، ترى أين يغرس الجيل الصاعد غرسته وكيف يجني منها الثمرة الصالحة؟!.