كنتُ متفائلاً بإطلاق الإذاعات السعودية الخاصة، متمنياً أنْ لا يقعَ بعضُها في خيْبات الأمل، ولكنْ ما كُلُّ ما يتمنّى المرءُ يُدْرِكه، وهذا هو الأستاذُ الدكتور عبد الله مصطفى مهرجي، كتب مقالاً في هذه الصحيفة ( 26 ذي القعدة 1433ه، ص16) تساءل فيه :"هل تَحَوّل بعضُ هذا الإعلام مِنْ: نِعْمَةٍ إلى نِقْمَةٍ ؟ وأصبح عَوْرَةً بدلَ أن يكون رَوْعَةً ؟ هل هذا الإعلام يعني انفلاتاً لا أخلاقياً ؟ هل الإعلامُ الجديدُ يعني ما يدورُ في أروقةِ بعض إذاعات إف. إم من استخدام لغةٍ سُوقِيّةٍ، وحواراتٍ ساخنةٍ إلى حدِّ الإسفاف، بين بعض المذيعين والمذيعات الشباب ؟" أسئلةٌ مليئةٌ بالأسى والحسرة ، على إعلامٍ خاص ضاقتْ عليه الأرضُ بما رحُبَتْ، فأطلقَ بعضُه صواريخَه لتُدَمِّر المتلقي، بينما بعضُ أصحاب القرار في بعض هذه القنوات: نائمونَ في العَسَل، يَغُطُّون في شخيرٍ عميق، ويغتالونَ الأمْنَ الإعلاميَّ عند المتلقين، ويحرمونهم من المُتْعَةِ الهادفة، ويقلقونَ مضاجِعَهم بما قال عنه الدكتور المهرجي " تبادل الضحكات، والنِّكَاتِ السخيفة، وبَذَاءةِ الحِوَار، وبَثِّ الفُرْقَة، وإثارةِ النّعْرَات القَبَلِيّة في المجتمع" إذاً الخطرُ كُلُّ الخطر، أنّ بعض قادة هذا الإعلام، لا يُحِسون بخطورةِ ما يُقْدِمُون عليه، ولا يدركونَ خطورةَ ما يبثُّونَهُ من ثقافة، يستلهمها الناشئةُ في المجتمع، تحاول جعل المتلقي عاجزاً عن الفِعْل، والعَمَل، غاضباً، مستاءً، حزيناً، بعد أن كادت بعض تلك الإذاعات تبيع كرامته، أما ثالثة الأثافي، فقد تطرّف بعضُها، وابتعدَ عن التعامل العقلاني مع المتلقي، وزجّهُ في أتُونِ استهواء، وإقصاء، وتلويح صريح بغلق الأبواب، أمام آفاق التغير صوْب الأفضل والأحسن. تساؤلاتُ الدكتور عبد الله مهرجي، تدقُّ أجراس إنذار في آذان مَنْ يحاولون تأجيج صراعات ثقافية واجتماعية، من خلال ما يبثونه من مضامين إذاعية، هي في حقيقتها وواقعها، ثقافة ساذجة ورديئة، تتضح بجلاء عندما تسمعُ غُثَاءً كَغُثَاءِ السّيْل، تطلقه أفواهٌ تجاوزتْ حدودَ الاتصال التقليدي، وجعلتْ من إعلامها " عورة لا روعة" !! وهؤلاء- كما رأى الكاتب السعودي المعروف علي سعد الموسى-:" يجبُ أنْ يدخُلُوا غُرْفَةَ القانون، بتُهْمَةِ الاحتيالِ والتزوير، بتُهْمَةِ مصادَرَة عقولِ الأجيال، بتُهْمَةِ إفسادِ حياةِ شَعْب، تَحَوّلُوا فيه إلى مَصّاصِي دماء" (صحيفة الوطن، 28 ذو القعدة 1433ه، الصفحة الأخيرة). [email protected]