حرصت الشريعة الغرّاء، على تبيان جزاء الأعمال الصالحة، من صلاة، وصوم، وصدقة، وقراءة قرآن، وأثبتت الأجر على النية الحسنة، وزيّنت الفضائل للمؤمنين، وأغرتهم بالحسنات، وغفران الزلاّت. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قَرأَ حَرْفاً مِن كِتَابِ الله فلَهُ بِه حَسَنة، والحَسنةُ بعشْر أَمثالِها، لا أقُول: ( الم) حَرف، وَلكن: ألفٌ حرف ولامٌ حَرف ومِيمٌ حَرفْ ". والشاهد، أنّ الله وعَد عباده المؤمنين - وهو الغني عنهم - حُسن ثواب الآخرة، تفضُّلا منه وكَرماً، وهو - جلّ وعلا - أهلٌ للعبادة وأجدر بالطاعة، وإن لم يخلق جنة ولا ناراً، لكنه سبحانه يعلم ضعف عباده، وافتقارهم إلى ما يشدُّ عزائمهم، ويُعلي هِممَهم، ليُسارعوا في الخيرات، ويتسابقوا إلى الجنات، فحفّزهم على الاجتهاد، وذكّرهم على الدوام بما لهم من سعة رزق وكريم أجر. وقد تنبّهت المجتمعات المتقدمة حضاريا إلى استجابة فطرة الإنسان لقاعدة الثواب، فاتخذت من التحفيز دافعًا لأفرادها على الإنجاز، وأحسنت استغلال حب الإنسان للتكريم والامتنان، وشغفه بالتقدير، لتشجيعه على حُسْن الأداء وإتقان العمل، فأقرّت الحوافز الوظيفية، ورصدت المكافآت المالية والعلاوات للمتميزين، وكرّمت العُلماء والباحثين، واحتكمت إلى التقييم الوظيفي على أساس واضح ومدروس، لا يدَع مجالا لغلبة المحاباة والتسلّط، أو المِزاجية الشّخصية. وبهذا، شرَعت تلك المجتمعات باب التنافس الشريف بين أفرادها ومؤسساتها، وثمّنت غاليا الاجتهاد والمجتهدين، والإبداع والمُبدعين، فارتقت شعوبها حضاريا، وتعدّدت إنجازاتها الفكرية، واختراعاتها العصرية، ومنتجاتها التقنية، وسبقت بأشواط غيرها من المجتمعات التي يغلب عليها الفوضى السلوكيّة، والتخلّف الإداري. والسؤال الذي يتطلع إلى الإجابة عليه كثير من أفراد المجتمع السعودي هو: متى تُحقق مؤسسات وإدارات المجتمع، رؤية القيادة الكريمة، وتتبنّى تطبيق قاعدة الثواب والعقاب بنزاهة وجِديّة، ليميز الكادح من الكسول، والمجتهد من المُهمل، ويتغلّب شبابُها على ثقافة الإحباط والتثبيط، التي انتشرت جراء المُحاباة والمحسوبية في عدد من المنشآت، ومتى ياتُرى تغدو الحوافز الوظيفية والبحثية، سُلّما يرتقي عليه المخلصون الأكفاء ؟!. [email protected]