نرى في هذه الأيام الفضيلة صورة رائعة من الأجواء الإيمانية التي تجسد تلاحم الأمة الإسلامية من خلال أداء مناسك الحج, وفي نفس الوقت نرى صورة أخرى غريبة في مجتمعنا تتكرر كل عام وهي الإرتفاع المدهش لأسعار الأضاحي, رغم أن أسعار المواشي كانت منذ أيام قليلة أقل بكثير عن الأسعار الحالية، وهذا ما يؤكد مدى الاستغلال الكبير الذي يتعرض له المستهلكون من قبل التجار الجشعين, ولا تزال الأسعار في طور الإرتفاع دون مبرر، فبعض التجار يبرره إلى قلة إستيراد الأغنام مما أثر في عدم اكتفاء السوق منها، والبعض الآخر يبرره بزيادة أسعار الأعلاف, فما كنا فيه بالأمس من صراع مع الدواجن نعيده اليوم مع المواشي, فبات المواطن مشغولا في صراعاته مع مسلسل إرتفاع الأسعار . أين الرقابة التي يتكلمون عنها في وسائل الإعلام على هؤلاء التجار, ولماذا غاب دور الجهات المعنية في مثل هذه الظروف؟ فمن الواضح أن أسواق الماشية لا يوجد عليها رقابة واضحة المعالم من الجهات المعنية لضبط السوق, وهو ما جعل التجار يتحكمون بالأسعار ويقومون برفعها متى أرادوا لعدم وجود نظام صارم لردعهم والحد من تجاوزاتهم, وإلا لما قاموا برفع الأسعار في وضح النهار . ففي الوقت الذي تعلن الجهات المعنية عن متابعة الأسعار من خلال لجان وفرق ميدانية للمتابعة, نجد أن الأسعار تتزايد من هنا وهناك، وكأننا نعيش في صالة لسوق الأسهم يديرها مجموعة من التجار والعمالة السائبة التي تتاجر في المواشي دون رقيب أو حسيب, ويقولون في أنفسهم أن السوق يمر بفترة موسمية لا تعوض .. (يعني جات علينا ما نرفع الأسعار) !! فالأضحية تمثل لنا شعيرة دينية أولاً وعادة سنوية ثانياً, فكيف لذوي الدخل المحدود أن يقوموا بشراء الأضاحي في ظل ارتفاع أسعارها ولديه العديد من الإلتزامات المالية التي ترهق كاهله و تعيقه عن شراء الأضاحي بهذه الأسعار الجنونية, فالمواطن لا يريد كبسولات إعلامية لتهدئته من هول هذه الإرتفاعات, بل يريد حلولا على أرض الواقع ويتلمس تطبيق نظام حماية المستهلك, وإلا فإن المواطن سيكتب قصيدة رثاء نهاية كل شهر على راتبه . تُرى هل سيأتي اليوم الذي نحتاج فيه للذهاب إلى البنوك لاستخراج قرض بنكي من أجل شراء الأضاحي, أم ستُعفينا الجهات المعنية من هذا الهمّ بقيامها بواجبها وذلك بمراقبتها لأسواق المواشي وضبطها وتحديد أسعارها من خلال قائمة مخصصة تقوم بوضعها أمام المدخل الرئيسي لسوق المواشي موضحة فيها أسعار كافة أنواع المواشي، والعقوبات التي ستقع تجاه كل مخالف، أو متكسب جشع ؟؟ بندر عبدالله أبو طربوش – المدينة المنورة