دعا متخصّصون في اللغة العربية وعلومها إلى إلزام المحال التجارية بعرض لوحاتهم قبل تركيبها على لجنة مختصة يشارك فيها أساتذة اللغة العربية في الجامعات لإجازة تلك اللوحات ومنع صدورها إلا بعد التأكد من خلوها من أخطاء في اللغة العربية وخلوها أيضًا من الكلمات الأجنبية. واستنكر أساتذة اللغة العربية شيوع الأخطاء في اللوحات التجارية في المدينةالمنورة وغيرها، وكثرة الإعلانات واللوحات التي تحمل كلمات أجنبية أو عامية، منبّهين إلى أن للمدينة المنورة خصوصية تُحتّم فرض رقابة صارمة على اللوحات التجارية والإعلانية لتجنّب العبث باللغة العربية أو تهميشها، لكونها رمزًا للتراث الإسلامي والعربي. تكوين لجنة يقول الدكتور عبدالرحمن البلوشي (عميد معهد تعليم اللغة العربية بالجامعة الإسلامية): إن تلك الأخطاء باتت ظاهرة، ويقل أن تجد شارعًا إلا وفيه لوحات تحمل أخطاء سواء كانت إملائية أو لغوية أو أسماء باللغة الإنجليزية أو كلمات أجنبية مكتوبة بالعربية. ويرى البلوشي أن الحل لا يكون من طرف واحد بل ينبغي أن تشترك فيه عدة جهات من الغرفة التجارية والأمانة والجامعات وغيرها، مؤيّدًا تكوين لجنة مشتركة من تلك الجهات للتدقيق في اللوحات وإجازتها، ومراعاة خصوصية مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة بضرورة تعريب اللوحات خاصة أن كثيرا من الزوار يُصدم حين يرى شيوع أخطاء في العربية في مهدها ومزاحمة الأجنبية لها في عقر دارها، من غير أن يكون القرار ملزمًا لأن الإلزام لا يمكن تطبيقه لكن يُقدم على أنه الأولى والأحسن. وحذّر البلوشي من خطورة شيوع تلك الأخطاء والعبارات الأجنبية على الناشئة حيث إنهم سيعتادون رؤيتها حتى تصبح أمرًا عاديًا لديهم. المهم الرقابة ويعلّل الدكتور محمد بن هادي مباركي (وكيل كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية) لجوء التّجار إلى العامية والأجنبية، بالابتعاد عن اللغة العربية في الممارسة القولية والفعلية، مؤكدًا أنه لو كان هناك من يجيد هذه اللغة ويطبّقها في الواقع والتعامل اليومي لاختار الشيء المناسب الذي يرقى للذوق العام وذوق الإنسان العادي الذي يعتز بلغته العربية الفصحى، ففي ألفاظنا العربية ما يُغني عن الأجنبية، وعزا ذلك إلى التقليد غير المبرّر. وحول فكرة تكوين لجنة لإجازة اللوحات يرى مباركي أن المهم أن تكون ثمة رقابة حتى لا يشعر التاجر بأن هناك تضييقًا عليه، مشدّدًا على ضرورة صدور قرار صارم فيما يخص اللوحات في المدينةالمنورة التي قال إنه يفترض أن نجد فيها أسماء إسلامية عربية، ومن حقنا أن تحمل المدينة هذه الخصوصية لما اختصها الله به من الرسالة والهجرة. وأضاف: إننا نعيش ازدواجية ونعانيها في التعليم، فاللغة الفصحى لا نجدها في الشارع ولا البيت ولا المتجر فقد حصرناها في قاعة الدرس، فنحن نحييها في قاعة الدرس ونُميتها في التعامل. دور البلديات أما الدكتور عبدالله الطريقي (أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة طيبة) فيبيّن أن تلك الأخطاء فيما يكتب في الشوارع من الإعلانات واللوحات التجارية غير مستغربة، خاصةً إذا عرفنا أن أغلب العاملين في محلات الخطاطين والدعاية والإعلان هم من غير الناطقين بالعربية. ويقول الطريقي: إن ثمة جهودًا كثيرة للمحافظة على اللغة العربية لكنها في نظره ما زالت محدودة ولن تؤتي أكلها ما لم تتوّج بخطوات عملية، مشيرًا إلى أن السبيل الصحيح والأهم في رأيه لحل هذا الإشكال هو إلزام البلديات بأن تتعاون مع أقسام اللغة العربية في الجامعات، فيكون في كل بلدية متعاون أو أكثر من متخصّصي اللغة العربية وألا تعطى البلدية أي ترخيص أو تجديد إلا إذا تم توقيعه من قبل المتخصّص اللغوي بإجازة اللوحات، إضافة إلى فرض غرامة مالية على كل محل أو جهة تُضبط في لوحاتها أخطاء لغوية، ولا مانع بأن تكتب في اللوحات كلمات أجنبية شريطة أن يكتب ما يقابله باللغة العربية وأن يكون المكتوب بالعربية بخط أكبر من الأجنبية.