قوبل قرار صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بضرورة أن تكون مسميات كل المؤسسات والمحلات والشوارع والميادين في كل مدن منطقة مكةالمكرمة، مسميات عربية خالصة، بارتياح كبير في أوساط الحادبين والمهتمين باللغة العربية.. وزاد من مساحة هذا الارتياح ما لمسوه من تشديد من قبل سمو الأمير على ضرورة إنفاذ هذا القرار، ومطالبته المحافظين ومديري المراكز وأمناء المدن ورؤساء البلديات وفروع وزارة التجارة بتطبيق هذا التعميم، في مدة تمتد لستة أشهر تتبعها محاسبة لكل من يثبت تقصيره في ذلك. قضية انتماء وتضحية وتفاعلًا مع هذا القرار أشاد الدكتور سعيد بن محمد القرني وكيل كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى للشؤون التعليمية والبحث العلمي عضو لجان التعليم بمكتب تنسيق التعليم بالرباط قائلًا: هذه دعوة رائعة وليست بدعًا من الأمر؛ لأن غيرنا من دول الريادة في العالم كل قضاياها بلسانها ولغتها سواء كانت في القطاع العام أو الخاص، وخير دليل هو وجود الشرطة اللغوية في فرنسا؛ فإذا رأوا أي لغة غير اللغة الفرنسية فإنهم يقومون بإزالة تلك المسميات لأنهم أناس منتمون لثقافتهم بحق، والآن أصبحت القضية قضية انتماء وتضحية من أجل ذلك.. والأمر الذي دعا إليه خالد الفيصل هي دعوة غير مسبوقة وفيها مراجعة لذاتنا وهويتنا، والمسألة هي ليست مسألة لوحة إعلانات ولكن المسألة أبعد من ذلك، وهو ما يراه الأمير خالد الفيصل. وحث القرني جميع مناطق المملكة على إتباع النهج الذي انتهجه الأمير خالد الفيصل في سياق قوله: أرى أن تتم تجربته بدءًا من مكة، ويتم تشكيل لجان ويوضع منهج علمي لوضع العناوين التجارية تشمل فريق عمل من اللغويين المختصين ومن المستثمرين وكل من له عناية بالسوق، وأيضًا للوقوف على مدى نجاحها المتوقع، ثم تطبق بعد ذلك على سائر مناطق المملكة، والتغيير المتدرج مطلوب في كلّ شيء حتى لا يضر بمصالح الناس لا من بعيد ولا من قريب. في عنق المسؤول من جهته يقول الدكتور عوض القوزي أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك سعود: اللفتة التي اتخذها سمو أمير منطقة مكةالمكرمة لفتة تدل على إدراكه لخطر اللغة، وأنا إذ أرجو أن تنحو المناطق الأخرى هذا المنحى لتتخلص شوارعنا من الرطانة ومن اللغة الأجنبية ومن سواها، ولا مانع أن يكون الإعلان مكتوبًا باللغة العربية بخط بارز مترجمًا أسفل الخط باللغة الإنجليزية مثلًا وهذا لا يمنع، ولكن أن تكتب بحروف عربية بلفظ أجنبي فماذا أضفنا، فإذا حظي هذا المشروع بالمتابعة من المسؤولين فسيتم تنفيذه بكل الدقة، وإن وجد تهاونًا من المسؤول المباشر على هذه القضية فسوف يموت في مهده، لكني على يقين أن سمو الأمير خير من يختار المتابعين لمثل هذا الأمر، وليس غريبًا لأن مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها سموه اتخذت قرارًا بإجراء استطلاع عريض حول واقع اللغة العربية وما تواجهه من هجوم شرس من اللغات ومن العاميات ومن سواها، وأي مصلحة للأمة العربية أكبر من مصلحتها في حفاظها على اللغة العربية، وأرجو أن يمتد ذلك إلى الشارع والإذاعة والصحف، فالذي أراه أن صحفنا تتوسع في إعلاناتها بنفس الطريقة التي نراها في الشارع وفيها الغث والسمين، فكل ما نقرأه في الصحف خطأ في خطأ، وأرجو من الإعلام المقروء أن يفسح للغة العربية الفصحى المجال؛ فهي لغة الدين ولغة القرآن الكريم. غزو ثقافي الدكتور محمد عريف أستاذ الدراسات العليا العربية بجامعة الملك عبدالعزيز شارك بالقول: إن ما نراه من تسميات غير عربية يمثل غزوًا ثقافيًّا، وهو نوع من العولمة الثقافية التي أثرت علينا بشكل كبير في عالمنا العربي والإسلامي، وللأسف أن هذه الأسماء الأعجمية تطلق على البنات والأبناء، وهناك بعض الأسماء التي يندى لها الجبين، فينبغي أن يكون هناك تعاونًا بين الإمارة والأمانة ووزارة التجارة والجهات المسؤولة والتدقيق كثيرًا في هذه المسميات، والتشديد أن تكون بلغة عربية، وأنا ألقي باللوم على المواطنين الذين اتجهوا لتسمية شركاتهم ومحالهم التجارية بمسمى غير عربي.. على جانب آخر، هناك أسواق ومحال ما زالت -ولله الحمد- تتمسك بالمسميات العربية ولم تغزها ظاهرة الفرنجة الممجوجة والمرفوضة والسخيفة، وهي أسواق ومحال شهيرة وكبيرة لم يقلل من قيمتها وانتشارها استخدامها العربية في مسمياتها، ومن حقها علينا أن نشيد بها ونشير إليها ليس من باب الدعاية لها، ولكن لشكر ملاكها على حسهم والتزامهم بلغتهم العربية وجعلها علامات تجارية، وهي متاجر وأسواق معروفة، وأكثر ما يستفز في هذه المسميات الأجنبية المستخدمة، ليس فقط في أنها تلغي استخدام لغتنا الأم، بل تلوي عنقها وتخربها وتضعفها حين تلغي استخدام مفرداتها وإحلال مفردات أجنبية محلها، والطامة الكبرى في ذلك أنها تكتب بلفظها الأجنبي بالحروف العربية، وكأن المفردة العربية لا تفي بالغرض ولا تؤدي للمعنى المطلوب. وأنا أطالب أن تحذو جميع مناطق المملكة حذو منطقة مكةالمكرمة ونرى جميع المناطق تلتزم بذلك فنحن أولى من سوانا أن تنفذ هذه الخطوة ونتبناها ويصدر فيها نظام قوي وصارم والالتزام بالمسميات العربية في كل مكان.