من منا اليوم لا يعرف هذا اللون من الفنون الذي انتشر في الآونة الاخيرة في مجتمعاتنا حتى وصل الى مسامع كل الأفراد، ولا تكاد ترى أحدهم إلا وقد أدمن سماع او مشاهدة مجموعة منها أو إحداها بمختلف تفرعاتها واتجاهاتها، وهو من الفنون التعبيرية الجمالية والتي تحمل بين كلماتها رسالة دينية هادفة، يخاطب بها الاحاسيس والمشاعر ويهذب النفس ويرتقي بها. والإنشاد في أساسه يسعى إلى الخلق والمبادئ والفكر السامي النبيل بواسطة مجموعة من القيم المستمدٌة من ديننا الحنيف بالإضافة الى توعية المجتمع والمحافظة على تماسكه وتنمية المواهب وتسلية النٌفس البشريٌة. ويقال إن هذا الفن ظهر منذ فجر الاسلام تزامنًا مع بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وانتشر بعدها عبر الأزمنة والعصور الى كل البلدان والأمصار وصار معروفًا ومميزًا عن غيره من الفنون بنفس المجال كالشعر والنثر والغناء، حيث له خصائصه وابجدياته والاسس والمعايير اللازمة الخاصه به. كما ويعتبر النشيد الشعبي المعروف احد فروعه إلا أن النشيد الاكاديمي القائم على اسسه الصحيحة أكثر انتشارًا وتعبيرًا بسبب استهداف مجتمعات ذات لهجات وثقافات وأفكار مختلفة لاسيما في عصر اصبح العالم فيه قرية صغيرة. واليوم في عصر التكنولوجيا والاتصالات لحق بهذا الفن ما لحق بغيره من تطور وتغيرات كبيرة، واضافات عدة شكلت بعض هذه التغيرات جدلًا حول جوازها وما الى ذلك، كون النشيد في اساسه ينتسب الى الدين واسسه، حتى ان عددًا من منشدي العصر يعترف للعلن ان ما يطرب به اسماع جمهوره هو غناء وليس نشيدا، وذلك لانتقاده على التغييرات التي احدثها على اناشيده وخروجه عن اإطار النشيد المعروف، الا أنه ومن جانب آخر ظل العديد من المنشدين متمسكين بالمبادئ وركائز النشيد الاسلامي وطور في محدداته وضوابطه. وقد لاقى النشيد في عصرنا الكثير من الاهتمام من قبل المجتمعات والمسؤولين وجرت العديد من المسابقات والمهرجانات الإنشادية الكبرى وافتتحت القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية الخاصة به، وبات هذا الفن اليوم محطة هامة للاعلام والترويج للاهداف ونشر الافكار، وخاصة أنه يعتبر الحل الوسط لدى الكثير من فئات المجتمع، والوسيلة الافضل للترفيه والتهذيب متوافقًا ومتماشيًا جنبًا الى جنب الى ما يدعو اليه الدين الاسلامي، مما يعطيه أفضلية وميزة عن غيره من الفنون. لذا يجب علينا تجديد الخطاب الانشادي بغض النظر عن توجهاته المختلفة من خلال تطويره وإعادة ضبطه وتحسين مظهره والاهتمام باختيار المواضيع المناسبة بما يتوافق مع الجيل الصاعد وتطلعاتهم وبث روح الحماس وتحقيق توازن الشخصية والمساهمة في ابراز الذات والنظر نحو الحياة بإيجابية وتفاؤل. [email protected]