كتبت الأسبوع الماضي عن الطبقة الوسطى، وكيف أنها تُمثِّل المحرِّك الرئيس لتنامي اقتصاد الدول، وتعد أحد ركائز توازن المجتمعات، وأشرتُ أيضاً إلى وجود بعض الدراسات التي تُحذِّر من تآكل تلك الطبقة في المملكة، والحاجة إلى تضافر كافة الجهود للمحافظة عليها، والحيلولة دون اضمحلالها. هل تآكل الطبقة الوسطى يقف وراءه الارتفاع الجنوني للإيجارات العقارية، والتي تستنفذ النصيب الأكبر من دخل المواطن مما نجم عنه لجوء تلك الطبقة لإعادة النظر في أولويات الإنفاق الأسري لديها؟! هل التستر على العمالة وإخفاء الحقائق هو أحد الأسباب الأخرى التي ساهمت في تآكل تلك الطبقة، فنجد ورش الحدادة والسيارات، ومحلات الأدوات الصحية، والكهرباء والصناعات الخشبية وصناعات البلاستيك الخفيفة... إلخ جميعها تؤول ملكيتها لغير السعوديين وبالطبع تدار من قبلهم؟! هل المشروعات الكبرى التي كان يجب إسنادها إلى شركات وطنية متوسطة أو صغرى بعد أن أوكلت لشركات عملاقة أدت إلى تحجيم وعرقلة نمو قطاع الأعمال لتلك الشركات؟! هذه أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابة، ولكن يظل الاعتماد على طبقة الموظفين فقط في القطاعين العام والخاص لتحريك عجلة الاقتصاد بالمملكة هي المشكلة الأكبر والتي تحتاج إلى علاج. لقد أكد التقرير الإحصائي لمؤسسة النقد العربي السعودي أن إجمالي عدد العاملين في الدولة يقدر ب (998.138 موظفاً) والعاملين في القطاع الخاص (724,7) ألف عامل من إجمالي تعداد المملكة البالغ (28) مليون نسمة، ومن خلال هذه الأرقام تعاني المملكة من بطالة هيكلية حيث يواجه شبابها شبح البطالة والتي بلغ معدلها (12,2%) في النصف الأول من عام 2012م، في حين يعمل بها أكثر من 6 ملايين وافد من مختلف الجنسيات، وبذلك يصبح مجتمعنا خارج نطاق المجتمعات المنتجة بالمعنى الحقيقي، وهي أحد التحديات المستقبلية التي تواجهنا خلال الفترة المقبلة. همسة: المحافظة على الطبقة الوسطى في وطننا الحبيب أملاً نصبو إليه جميعاً، وليس صعب المنال، وسوف أناقش في مقالات قادمة الحلول التي انتهجتها بعض الدول للحفاظ على هذه الطبقة، بل لزيادتها على المدى القريب والبعيد. ٍ[email protected]