نعيش اليوم فرحة وطن، واعتزاز مواطن، بمناسبة تاريخية غالية على قلوبنا، نستذكر من خلالها ملحمة دامت أكثر من ثلاثين عامًا في سبيل معركة التوحيد على يد الوالد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- الذي محا رسم الفرقة، وجمع شمل الألفة، وأقام دولة التوحيد، على أسس ثابتة ونهج قويم، متمسكًا بالعقيدة، وثابتًا على الدين والقيم. إن اليوم الوطني للمملكة حدث تاريخي مهم، فقد كان إعلانًا بفتح صفحة جديدة من صفحات التاريخ، وحدًّا فاصلًا بين عصر وعصر، وإيذانًا بانطلاق نهضة حضارية شاملة غيرت وجه الحياة في شبه الجزيرة العربية، ونقلت إنسانها من الجهل والفقر إلى آفاق التنمية والتطور والرخاء والازدهار، فكان الإنسان هو محور البناء الأهم في كيان الدولة السعودية. وفي هذه المناسبة حريٌّ بكل مواطن أن يقف وقفة تأمل، يستعيد فيها أبعاد توحيد المملكة، ليدرك فضائل هذه الوحدة المباركة علينا، وأن اليوم الوطني منارة بليغة أصيلة، نستطيع من خلالها الالتفات إلى الماضي، لنفخر بما تحقق، ونستقرئ الحاضر ونعمل على تعزيزه، بل وننظر إلى المستقبل، ونخطط لبلوغه بخطى واثقة وأهداف واضحة وعزيمة قوية فذة. لم يكن مشوار التنمية سهلًا، فقد كانت عزيمة القيادات السعودية تقود مسيرة شعب انهمك في البناء والتطوير، يفتت كل عقبة تقف أمامه، وهو يشيد تعليمًا واقتصادًا امتد هيكلة ليستوعب قطاعات تعليمية، وصناعية، وزراعية، وخدمية، خلقت منظومة متكاملة، تجسد ملحمة تنموية سابقت الزمن، ورسمت معالم حضارية، جمعت بين عبق الماضي وزهو الحاضر، وتهيأت للمستقبل بتطلعات واعدة، وخطوات واثقة، وليس الأمر وقفًا على منجز بعينه، فالمشروعات التنموية المباركة تتوالى في هذا العهد الميمون الذي يأتي امتدادًا للعهود الملكية منذ عهد الموحد الملك عبدالعزيز، مرورًا بأبنائه البررة الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد -رحمهم الله جميعًا- جزاء ما قدموا لشعبهم ووطنهم. ففي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله، وأمد في عمره- تسمو معاني الاعتزاز، وتقف النفس شامخة بالإنجازات، فمنذ أن تولى الحكم وهو سائر بثبات وعزيمة نحو التطوير والإصلاح، وحمل شعار التنمية، واستطاع بحنكته وحكمته ونظرته الثاقبة أن يجعل من هذا الشعار واقعًا ملموسًا لخدمة المملكة، وتحقيق التنمية الداخلية الشاملة، وتسطير الإنجازات القياسية المتمثلة في مشروعات اقتصادية وصحية وإسكانية وتعليمية ممّا كان له أكبر الأثر على واقع ومستقبل البلاد، وتحقيق الرفاهية وسبل العيش الرغيد الآمن، كما تمكن -حفظه الله- من تعزيز دور المملكة في الشأن الإقليمي والعالمي، وأصبح لها وجود أعمق في المحافل الدولية، وصناعة القرار العالمي. وأود أن أشير إلى ما حظيت به مدينة الرياض مؤخرًا من توجيه خادم الحرمين الشريفين بتنفيذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض «القطارات والحافلات» بكامل مراحله، إضافة إلى إقرار عددًا من المشروعات الصحية، والتعليمية، والخدمية، وغيرها من مشروعات البنى التحتية ذات البُعد الإستراتيجي والتي أسهمت في النهضة التنموية التي تشهدها منطقة الرياض، وسائر مناطق المملكة في هذا العهد الزاهر الميمون. إن التقدم الذي أحرزته المملكة العربية السعودية في التنمية المستدامة، إنما يستند -بعد توفيق الله سبحانه وتعالى- إلى القيادة السياسية الواعية والقادرة على توجيه عملية التنمية من خلال وضع الأطر الإدارية والتنظيمية التي تؤسس لنهضة شاملة في مختلف المجالات، وعلى كافة الأصعدة. وفي الختام أود أن أقول إن ما تم إنجازه في الماضي، وما يجري العمل على استكماله في الحاضر، هو دليل واضح على مستقبل مشرق ومشرف، يعمل المؤرخون على تسطيره عامًا بعد عام، ليكون عنوانه الأهم: أمانة قيادة ووفاء شعب. أسأل المولى عز وجل أن يحفظ على وطننا نعمة الأمن والأمان، والعز والرخاء، في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين. أمير منطقة الرياض