يبدو أن وزارة التجارة والصناعة (بقيادة وزيرها الجديد) عازمة على تغيير شيء من الصورة الذهنية الرائجة عن الوزارة. الصورة القديمة في نظري كانت تمثل جهازاً بيروقراطياً عتيداً وعصياً على متابعة التغيرات السريعة في عالم اليوم. وذلك لا يعني إطلاقاً أن من سبقوه لم يفعلوا شيئاً، بل فعلوا ولكن ب"رتم" بطيء جداً لم يتناسب مع إيقاع الأحداث وسرعة التغيرات، فكان دون التحديات، وما أكثرها. قبل أيام قليلة رأس معالي الوزير وفداً إلى قاهرة المعز مترئساً الجانب السعودي في اجتماعات مجلس الأعمال المصري السعودي، ومتطلعاً إلى حل أزمة المستثمرين السعوديين بعد الثورة وربما قبل الثورة أيضاً. وربما ساعد في تسريع هذا الملف حقيقة أن مصر بعد الثورة تعيش حالة ملحوظة من الشفافية والانفتاح والرغبة في خدمة الصالح العام المصري لا الصالح الخاص الذي يستدرج المستثمر أياً كان ثم يبدأ بحلبه بأتاوات ورسوم (ما تحت الطاولة)، وإلا فعلى استثماره السلام بلا اعتراض ولا كلام. ومما يُحمد للوزارة كذلك تسريعها في محاولة حل مشكلة الشيكات المسترجعة، وهي قضية بدأت من قبل، منذ محاولات المملكة الأولى للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية قبل سنوات كثيرة، لكنها سارت على نار خامدة هادئة.. بين أخذ ورد وشد وجذب، وضحايا كثيرين شدوا شعورهم ورفعوا أصواتهم بلا فائدة سوى الانتظار سنوات طويلة والشكوى إلى لجان عديدة والصبر على إجراءات سلحفائية بطيئة بالرغم من كل مؤشرات التهديد بالضرب بيد من حديد، وبصورة عاجلة لا تتجاوز أسابيع قليلة. وحتى الإعلان التحذيري الذي نشرته الوزارة (ولا تزال) عن العقوبات المنتظرة لمن حرَّر شيكاً بلا رصيد، ومنها السجن 3 سنوات وغرامة مالية تبلغ 50 ألف ريال ثم التشهير، الإعلان يستدعي سؤالين مهمين: أولهما عن الشيكات التي تصدرها الشركات بصفتها الاعتبارية.. هل سيكون موقّع الشيك عرضة للعقوبة، وهو ربما لم يكن متأكدا أن الرصيد محفوظ، أم أن العقوبة المالية وحدها ستنال الشركة؟ وثانيهما: هل ستطبق العقوبات على الجميع دون استثناء؟ خطوات ملموسة تستحق الثناء والدعاء بالأجر والمثوبة. [email protected] [email protected]