في بريطانيا اليوم دعوة جادة لإلغاء التعامل بالشيكات. الخطوة الأولى بدأت من قبل مجلس المدفوعات التابع لرابطة المصرفيين، والتي أوصت بإنهاء التداول بالشيكات في بريطانيا اعتبارا من يوم 31 أكتوبر 2018م (الشرق الأوسط 17 مارس). نعم اقرأوا التاريخ جيداً.. إنه عام 2018م، يعني لا ارتجال ولا عشوائية كما تفعل حتى بعض شركات القطاع الخاص التي تغير أنظمتها المالية والتقنية بين يوم وليلة، فتصيب ملايين العملاء بربكة ليس بعدها، واستنزاف لجيوبهم ليس له مثيل. الدرس الأول الذي يعبر عنه الإنجليز بالمثل المشهور Slow, but Sure، (بطيء، لكن مؤكد) وليس (سريع، لكن مخبوص). ولا تسأل عن السبب عن إحالة الشيك الذي بلغ من العمر 350 عاماً إلى المقبرة، المؤكد أنه ليس بسبب الشيكات المرتجعة التي نعيش أوار كوارثها منذ سنين طويلة ولا حل في الأفق. عجيب أمر هذه الشعوب (الكافرة) التي تحترم معاملاتها المالية فلا تسمح لأحد بالعبث بها أو التطاول عليها. هيبة القانون هناك لا تزول أو تتصاغر أمام المحتالين والمماطلين وآكلي أموال الناس بالباطل. السبب الحقيقي هو أن الشيك غدا عبئاً مالياً على البنوك في بريطانيا، إذ يكلف كل شيك جنيهاً إسترلينيا كاملاً لصرفه أو إيداعه في حين لا تكلف التعاملات الإليكترونية أكثر من ربع جنيه. وفي عام 1990 تم تداول 4 مليارات شيك في بريطانيا أي بمعدل يفوق 100 شيك للبالغ الواحد، بينما انخفض هذا العدد إلى الثلث العام الماضي. أملي وأمل الكثيرين أن لا يُحال الشيك البريطاني للتقاعد، في حين يظل الشيك السعودي (ملطشة) لا يقبله أحد إلا وهو (مصدّق) يكلف العميل 25 ريالاً أو أكثر ناهيك عن الوقت المهدر والنفط المستهلك. ولا أحسب أن البعض ينتظر يوم إحالة الشيك السعودي للتقاعد طوعاً أو كرهاً (حسب التوجه العالمي) ليُستبدل بآلية أخرى فيها من الثغرات ما يعيد مواجع الشيك لتستمر معاناة جديدة تستغرق عقوداً من الزمن لحلها، وربما لا تحل إلا عندما يستبدلها العالم بآلية متطورة أخرى. عالم يطير بسرعة النحل، وآخر يمشي الهوينا بسرعة النمل. [email protected]