علينا أن نسأل أنفسنا: لماذا يتواصل المسلسل الغربي في الإساءة للإسلام؟ فالمعروف أن الفيلم المسيء لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ليس الأول من نوعه، إذ سبقه ببضع سنوات فيلم آخر أنتجته هولندا، وسبق ذلك أيضًا الرسوم الدانمركية المسيئة، وتزامن ذلك كله مع العديد من الدعوات في عدة دول غربية لحرق المصاحف. قبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي الإشارة أولاً إلى أن الأزمة اندلعت قبل عرض الفيلم، عندما أعلن القس المتطرف تيرى جونز أنه سيعقد محاكمة عالمية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يعرض خلالها فيلمًا يوضّح حقيقة الإسلام والمسلمين، ليتّضح بعد ذلك أن بطل الفيلم أحد عملاء الموساد، والمموّلين من الأمريكيين الأقباط المتطرفين، والمخرج إسرائيلي أمريكي، وهي حقائق كافية للجزم بأن الفيلم تم إعداده من قِبل جهات مشبوهة، تهدف ضمن ما تهدف إليه إلى ضرب الجهود التي قامت بها المملكة بشكل خاص لتقديم رسالة الإسلام الصحيح، الذي يدعو إلى التسامح والاعتدال والوسطية، والتي توجت بالعديد من المبادرات الخيّرة التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- للحوار بين الحضارات والأديان والمذاهب التي كان لها أكبر الأثر في إسقاط الصورة المشوهة للإسلام والمسلمين، التي عملت على ترويجها وسائل الإعلام الصهيونية. الإجابة ليست صعبة كما يتوهم البعض، فهذه الأطراف المشبوهة ظلت تعتمد في خططها الخبيثة على استفزاز مشاعر المسلمين، وإثارة الفتن في صفوف العامة، وإفساد العلاقات بين العرب والغرب، وهو ما تحقق معظمه بالفعل -مع الأسف- في العديد من العواصم العربية، فيما كان ينبغي على المحتجين أن يعبروا عن الخُلق الذي تحلّى به نبي الإسلام باعتباره -عليه الصلاة والسلام- قدوة المسلمين. يمكن الاستنتاج في ضوء ما سبق أن وقف هذا المسلسل تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على عاتق علماء الأمة، وعلى وسائل الإعلام، وعلى المواطن العربي نفسه، من خلال العمل متضامنين لتجنب الانزلاق نحو تلك الهاوية التي تحاول تلك الجهات المغرضة دفع الأمة إليها، وأن يكون الرد على تلك الاستفزازات حضاريًّا ومؤثرًا يبتعد عن أساليب العنف، وردود الفعل العمياء.