في الرابع من نوفمبر 1979 نشأت واحدةٌ من أكبر الأزمات الدبلوماسية بين إيرانوالولاياتالمتحدة، عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإيرانيين السفارة الأمريكية بها؛ دعمًا للثورة الإيرانية، واحتجزوا 52 مواطنًا أمريكيًّا لمدة 444 يومًا. وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاقات الجزائر في 19 يناير 1981. وأفرج عن الرهائن رسميًّا في اليوم التالي، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ريغان اليمين. ويعتقد بعض المحللين السياسيين أنها كانت سببًا في هزيمة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية. هذه الأزمة، التي وُصفت بأنها حادثةٌ محوريةٌ في تاريخ العلاقات الإيرانية-الأمريكية، تطل برأسها من جديد بشكل أو بآخر فيما حدث يوم الثلاثاء 12/9 الماضي من مظاهرات في ليبيا احتجاجًا على فيلم أمريكي مسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، وانتهت بمقتل السفير الأمريكي في ليبيا، وعدد آخر من موظفي القنصلية الأمريكية في بنغازي. وامتدت إلى أنحاء أخرى من العالم الإسلامي. وقد شاهدتُ مقطعًا من الفيلم الذي نُشر على اليوتيوب، ووجدتُ أنه يعزفُ على الوتر الحساس لدى المسلمين، تجاوز فيه صانعوه، رغم سوقيّته وتفاهته، كلَّ ما سبق توجيهه من إهانات للإسلام، أو للرسول صلى الله عليه وسلم، بما فيها تلك التي حملتها الرسوم الدنماركية، أو آيات رشدي. وإذا كان الفيلم يستهدف الرسول، ومن خلاله الإسلام والمسلمين، فإنه حمل أكثر من هدف آخر أبرزها بذر الشقاق بين المسلمين والأقباط في مصر؛ لزرع فكرة الانفصال، حيث تبدأ أول مناظره من الشارع المصري لينتقل، وبشكلٍ فجٍّ يحمل وقاحة شديدة تتجاوز الإساءة إلى ما هو أكبر وأضخم، بادّعاء بأن بذور ما يحدث اليوم هو تعليمات الرسول صلى الله عليه وسلم، يحملها أتباعه من المسلمين لتدمير وإرهاب العالم. وكان توسيع الشق بين الولاياتالمتحدة والمسلمين، في قائمة الأهداف التي أرادها منتجو الفيلم. فالقائمون على الفيلم يعرفون مسبقًا كيف ستكون عليه ردود الفعل المباشرة، خاصة وأن منتجيه اختاروا تاريخ الحادي عشر من سبتمبر ليطرحوا هذا الفيلم، الذي انتهى العمل فيه من شهور سابقة. وهو هدف تحقق مبدئيًّا من خلال المظاهرات التي اجتاحت العالم الإسلامي منددةً بالولاياتالمتحدة. وأخيرًا لا أستبعدُ أن يكونَ أحد أهم أهداف هذا الفيلم هو التأثير بالسلب علي حظوظ الرئيس باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية التي سوف تجرى في شهر نوفمبر المقبل، تأسيًا بما حدث قبله للرئيس كارتر. فالفيلم يصبُّ -بلا شك- في مصلحة المرشح الجمهوري ميت رومني. فيضرب الفيلم بذلك أكثر من عصفور بحجر واحد!! * نافذة صغيرة: (نقولُ إنَّ الحاكمَ رومني عنده ميلٌ لإطلاقِ النارِ أولاً، ثم التصويب.. من المهمّ التأكدُ من أنَّ التصريحاتِ التي تدلون بها مدعومةٌ بالوقائع، وأنّكم فكّرتم بكل النتائج قبل الإدلاءِ بالتصريحات). بارك أوباما. [email protected] [email protected]