مللنا القول والتكرار بأن الشباب هم عماد الأمة، وأساس مستقبلها المتين، فإن أحسنّا رعايتهم وتأهيلهم فقد مشينا في الطريق القويم، وأمنّا على مستقبلنا ومستقبل بلادنا ومقدراتها وأمنها واستقرارها، وإن -لا سمح الله- أهملنا هذه الثروة الوطنية الهامة؛ فلن نجني غير الشوك، هذه حقيقة علينا أن نؤمن بها وندركها ونستشعر خطورتها الجسيمة. إن تهيئتنا للشباب وصمودهم في وجه التحديات -مهما تلاطمت بهم أمواج الحياة ومخاوفها- لجدير بهم أن يقاوموا، إن وجدوا من يمد لهم السبل نحو الارتقاء، ويوفر لهم الإمكانات، ويساعدهم في اكتشاف أنفسهم وقدراتهم وميولهم، فإنهم سيسيرون وفقًا لما قد رسمناه لهم من طرق مستقيمة، تعينهم على الوصول إلى غايتهم بثقة وتمكين، دون المرور بحواجز وعقبات وأسلاك شائكة قد تعيقهم فيتوقّفوا عن المسير، وقد تسبب لهم انتكاسات ومنزلقات خطيرة تحيد بهم عن الدرب، وتحوّلهم إلى مجاميع من الدمى التي تتحرك على هذه الأرض دونما هدف أو غاية. إنني ومن خلال هذه السطور العاجلة أوجه رسالة مهمة إلى كل من يهمه أمر الشباب فأقول لهم: إن الشباب في بلادنا لا يزالون في معزل عن العصر وتحدياته، فهم في الغالب لا يعون من الدنيا إلا أخبار الرياضة والفن، ومواقع الإنترنت السلبية، وكم من الدراسات والإحصائيات -التي ظهرت مؤخرًا- تشير بشكل مخيف إلى ارتفاع معدل مشاهدات السعوديين لمواقع معينة، وغالبية المتابعين يمكن تصنيفهم من فئة الشباب. وهذا يعني بالضبط أننا في غفلة عنهم، فانشغلنا بهموم الحياة، ولم نستطع أن نتكاتف للقضاء على همومهم والتعرف على مشكلاتهم، وهذا دليل على عدم التكامل بين المعنيين بالشباب. أريد أن أسأل سؤالًا واحدًا: هل في مخططات المؤسسات الشبابية والثقافية والتربوية أن تجتمع اجتماعات دورية لتدرس الواقع وترسم المستقبل وفقًا لحاجة الشباب ومتطلبات العصر، أم أن كل واحدة منهن تعيش وحيدة، وتُغرِّد في سربها دون الالتقاء بالأخريات..؟! إن الحاجة للشباب اليوم هي أقوى من أي وقت مضى للنهوض بالأمة، والتحديات في ازدياد، وعلينا أن نجمع رؤوسنا في قالب واحد ومن عصارة الفكر نُشخِّص الهموم ونُخطِّط ونُطوِّر ونفعل كل ما يمكن فعله للنهوض بالشباب "عماد المستقبل". إن استشعار المسؤولية جانب مهم جدًا في رسالتنا، فالمعلم والأستاذ الجامعي وعضو المؤسسة الثقافية عليهم أن يدركوا حجم الأمانة والعمل والمسؤولية، فهذه ثروات وطنية كبيرة إذا لم نستثمر مواهبهم وقدراتهم فلن نرتقي بوطننا. أخيرًا أقول: يا قادة الرأي والفكر والتربية والاجتماع، الشباب ثم الشباب ثم الشباب، فهؤلاء عمادنا القادم وأساس نهضتنا واستقرارنا، فهل نتركهم لأيدي العابثين، أم نحتويهم بكل الطرق والوسائل؟! فهل من مجيب؟!.