مما لا شك فيه أن الأوطان تحمى بالدرجة الأولى من قبل شعوبها فكل مكونات الدولة من قيادة ووزراء وجيش وأمن وقضاء ومؤسسات تنبثق من الشعب وتعود إليه، وهؤلاء مع بقية مكونات المجتمع يعملون من أجل مصلحة الوطن .. من هذا المنطلق تجد ان الجميع في الوطن الواحد ينصهرون في بوتقة واحدة همها الأول المحافظة على سلامة الوطن، إنسانه وأرضه، معتقداته وثقافته ومكتسباته وثرواته، مدنه وقراه، حدوده وفضائه، علاقاته والتزاماته وقبل ذلك وبعده استقلاله واستقراره وأمنه. كما أنه من المعروف ان الشباب عماد الوطن وحملة لوائه ومكمن قوته ومصدر عنفوانه لذلك فهم المعول عليهم بأن يكونوا الأكثر وعياً والأكثر حرصاً على المصلحة العليا للوطن وسلامة مواطنيه وحماية منجزاته. وقد ثبت ذلك عملياً حيث لم يستطع المحرضون والمضللون جرهم إلى غياهب الفوضى والمجهول. اننا في المملكة نختلف عن غيرنا حكومة وشعبا في كثير من المقومات فالحكم في بلادنا ليس حكما فرديا بل هو جماعي يعتمد على المشورة واستقراء الرأي العام، وقبول النصيحة، وهو يتبع سياسة الانفتاح والباب المفتوح ويتبنى أسلوب الحوار في يوم الجمعة الماضي (11) مارس راهن الغوغائيون والمحرضون والمضللون على ولاء الشعب السعودي وعملوا كل ما في وسعهم من خلال الفضائيات التحريضية ووسائل التقنية الحديثة مثل الفيس بوك والتويتر واليوتيوب وغيرها من الوسائل لكي يزجوا بالناس في أتون الشغب والتظاهر والانفلات غير المحمود العواقب فجاء ذلك بمثابة استفتاء على ثقة الشعب بحكومته فكانت فضيحتهم بجلاجل عندما أجاب الشعب عن بكرة أبيه «لا للفوضى، نعم للنظام» هذا وقد سبق ذلك الاستفتاء استفتاء آخر تمثل بالفرحة الكبرى وانفراج أسارير الوطن بعودة وسلامة قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله والذي جاء دليل شعبية عارمة للنظام ومؤسساته. ولا شك ان موقف الشعب السعودي هذا قد أبهر القاصي والداني وأثبت أننا دولة قوية بالله وبتكاتف القيادة والشعب وولائهما لبعض، وقد خلص المراقب إلى ان ذلك جاء نتيجة عدة عوامل وحقائق يمكن أن نذكر منها: ان من يستعمل عقله وبصيرته ويحلل بهما ما يبصر وما يسمع لا خوف منه ولا خوف عليه لأنه يُخضع كل الأمور للتحليل والتدقيق والمقارنة والاستقراء، ولذلك فهو يتخذ قراره بناء على معطيات عقلانية ليس للعاطفة والانفعال دور فيها. أما من يلغي عقله ويبيعه لغيره من خلال الاستسلام للشائعات ودعاوى التحريض والتضليل فإنه يكون قد خسر نفسه وخدم أجندة غيره ممن يسعى لتحقيق مكاسب ذاتية ليس للوطن أو المواطن ناقة فيها ولا جمل عندما يكون واقع الحال مقبولاً ومتميزاً فإنه يهزم دعاوى الانفعال والافتعال ويصبح عدم الاصغاء للوبيات التضليل والتحريض والإثارة هو السائد حتى ولو تلقت تلك الأبواق دعماً لوجستياً من الفضائيات التحريضية، أو استعملت وسائل التقنية الحديثة مثل الفيس بوك والتويتر واليوتيوب وغيرها من وسائل الاتصال والتواصل الالكترونية الحديثة. الشعب الواعي المدرك لابعاد مسؤولياته والذي يقارن نفسه بغيره سواء أكان ذلك على مستوى الفرد أم الجماعة يدرك المنزلقات التي تترتب على الفلتان الأمني الذي تسببه المظاهرات والاعتصامات ، ويدرك أن هناك قوى متربصة تتحين مثل تلك الفرص لتسعى في الأرض فسادا ناهيك عن ان هناك قوى مستعدة لخلط الأوراق حتى ولو كان ذلك من خلال القتل لإشعال فتيل الاختلاف والصراع بين الحاكم والمحكوم.. وإن السلب والنهب والقتل والتدمير والاغتصاب من أهم معالم الفوضى والانفلات الأمني، كما ان عدم الاستقرار وفقدان الناس لأمنهم ومصالحهم هما من النتائج الحتمية التي تطول المعاناة منها. اننا في المملكة نختلف عن غيرنا حكومة وشعبا في كثير من المقومات فالحكم في بلادنا ليس حكما فرديا بل هو جماعي يعتمد على المشورة واستقراء الرأي العام، وقبول النصيحة، وهو يتبع سياسة الانفتاح والباب المفتوح ويتبنى أسلوب الحوار ناهيك عن تطوير دور المؤسسات والنظم فهناك النظام الأساسي للحكم ومجلس الشورى ومجالس المناطق والمجالس البلدية ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. ونحن أمة تؤمن بالتحول التدريجي ولا نقفز فوق الحواجز فالتدرج في عملية التحول نحو العمل المؤسسي يجعل الأمر يتجذر ويورق ويصبح مع الزمن أسلوب حياة أما القفز فوق الحواجز المعروفة في مجتمعنا فقد أثبت عدم صلاحيته في المجتمعات التي تماثلنا. أما خصوصية الشعب السعودي فقد أثبتته أحداث كثيرة هزت مجمل منطقة الشرق الأوسط مرات عديدة كان خلالها الشعب السعودي الأكثر رباطة جأش والأكثر التفافاً حول قيادته والأكثر التزاماً بالعقل والمنطق وقد كان آخر أفعاله صفعته القوية لقوى التحريض والتضليل الأسبوع المنصرم عندما قال بصمت «الشعب يريد النظام» فقطعت جهينة قول كل خطيب. ان الجميع يدرك ان الاصلاح مطلب وطني مشروع فالحكومة والشعب يدركان وجود مطالب ومظالم وأخطاء وتجاوزات وهم يدركون أيضاً وجود عدد من المشكلات التي تحتاج إلى حلول لكن الجميع يدرك ان تلك الارهاصات جزء من الحراك الإنساني فلا عمل بدون أخطاء لأن الذي لا يعمل هو الذي لا يخطئ ففي بلاد العالم كلها يوجد فقر وتطرف وبطالة وفساد وإرهاب ومشكلات إسكان، وملفات اجتماعية ودينية وثقافية وتفشي هذه الظواهر يتراوح ما بين (10٪) في بعض الدول و(90٪) في دول أخرى وحيث إن الدول التي حدت من تلك المشكلات حتى أصبحت في حدود (10٪) فقط قد بذلت جهودا جبارة لتحقيق تلك النقلة، وإن الاستفادة من تجاربها وأساليبها تصبح أمراًجذاباً على قاعدة «اسأل مجرب» على ان الحل في مجمله يكمن في الاعتراف بالمشكلة وتحديد أسبابها يلي ذلك إيجاد الحلول الناجعة والدائمة لها. ان المشكلات مهما صغرت والتي لا يمكن أن يخلو منها أي وطن من الأوطان هي التي تستعمل من قبل المضللين والمحرضين وهم في الغالب يقلدون مسترقي السمع من الشياطين من خلال ذكر حقيقة وإضافة مئة كذبة إليها ، يساعدهم في ذلك التسلح بالفضائيات المشبوهة ووسائل التقنية الحديثة لذلك لابد من نزع الفتيل من أيديهم من خلال الشفافية والإعلام المحترف والاصلاح والتطوير المستمر. إن الاصلاح وتحري مَواطن الخلل من أكبر وأعظم اللقاحات الدائمة المفعول. اننا في المملكة ندرك ان قوة أية دولة لا تكمن بقوتها العسكرية أو تحالفاتها الخارجية فقط بل تكمن قوتها الحقيقية في ولاء الشعب ووحدة كلمته وعمق وطنيته وادراكه لمسؤوليته تجاه أمن واستقرار وطنه، والمحافظة على مقدراته وعدم تمكين أي حاقد أو حاسد أو لئيم من تعكير صفو الحياة أو تعطيل الحراك الوطني الايجابي. ان التاريخ يقف شاهداً على ان الشعوب المقهورة تنفجر مهما طال صبرها وتحملها والقاعدة الفيزيائية تقول «لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه» لذلك فإن الاستبداد والدكتاتورية والحرمان وتفشي الفساد والعنجهية والعبث بمقدرات البلاد والقتل والسحل تجعل الشعب قنبلة موقوتة قابلة للانفجار كما هو حادث هذه الأيام في ليبيا حيث حكم هذا الشعب معتوهٌ لأكثر من (42) سنة لا أذكر له مثيلا سوى الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي ألّه نفسه وحرم أكل الملوخية على الناس، ومنع التجار من فتح المتاجر في النهار والسماح لهم بذلك في الليل. فهو شخص متقلب المزاج كثير الأطوار، وقد يكون القذافي قرأ عنه فأعجب به وبأساليبه فطبقها على الشعب الليبي! لكن الواضح ان الرجل موتور فاقد للشرعية والمصداقية. وهكذا يصل الأمر بكل من يستظل بحاشية تقول له: ماشئت لا ما شاءت الاقدار فاحكم فأنت الواحد الجبارُ وفي الختام لا يسعني الا أن أردد ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب العقل الراجح والنهج الواضح حيث قال: «هنيئاً لخادم الحرمين بشعبه وهنيئاً للشعب بمليكه». فالقيادة والشعب في خندق واحد ملؤه الثقة والمحبة والولاء المتبادل.. أعز الله مملكتنا الفتية بقيادتها المتميزة.. والله المستعان..