عبدالرحمن القرني عسير الفولكلور اصطلاح إنجليزي للدلالة على دراسة العادات المأثورة والمعتقدات .. وترجمته الحرفية تعني ( معارف الناس أو حكمة الشعب) ولكن .. المنطقة الجنوبية هذه الطبيعة الساحرة والبيئة الواهبة ، الجنوب ببساطة تكوينه وتداخله حجازه وتهامته ومافيهما من تنوع في البيئة كل هذا اعطى هذه البلاد ميزة تبعث على العطاء ، طالما أعطت البيئة بجميع محتوياتها فان الانسان ابن هذه البيئة سيعطي ويهب ويبدع ، فقد فتح عينه على الجمال الطبيعي ، وفتح أذنه على حفيف الشجر وخرير المياه وهديل الحمام ، فَلمْ يمنع نفسه ولم يمنعها؟ من محاكاة لاجناح عليه فيه ، ابن هذه الاقاليم أتقن الغناء ( الحداء ) فالعرضة والقزوعي والدمة والزامل والربخة والخطوة واللعب والمسحباني والطرق والعسيري والزيفة والعزاوي وغناء السواني والحرث والسيل ، وطروق الجبل والساحل وأغاني الرزاف والمسيرات .. وها نحن اليوم في ( صدر جورا ) غرب تهامة قحطان . ولقد اشتهرت بالحداء وطرق الجبل ، لا سيما انهم رعاة غنم جميعاً وهو المصدر الاساسي في كسب الرزق عندهم .. وبينما نحن في هذا الوادي وكان الوقت بعد العصر ومع شمس الاصيل ، وصدى صوت الرعاة قادم من اعلى الجبل ، وكان الرَّنين بين الجبال له صوتاً عذباً .. وكان صفيراً يحرق الملتاع .. تأملت الصدى .. والصوت .. والصورة التي نعيشها وكأنك في عالم غريب من الطقوس الجميلة والاهازيج التهامية البدوية .. وردت كل اسئلتي .. جدائلها كحبل الوصل مضفورة .. ودهشنا لهذا الابداع البدوي الجميل .. بل كان الليل اجمل بالتفاف هؤلاء الرعاة والسمر وتردد الأصوات الشجية وقد اعجبت الحقيقة حق الاعجاب بتلك الصبيّة الجميلة ، ولبسها البدوي المزركش وهي تسمى ( شوقة ) عندما اطلقت صوتها الشجي شعراً مع المجموعة في السمر الذي قلبته غناء يفقد اللحن وهي تبادلُ شاعراً في سنها عتاباً وشوقاً .. وكان لها صوتاً شجياً برغم صغر سنها .. ( شوقة قاسم سعيد التليدي ) بهية الطلعة ، هادئة الابتسامة ، ذات عينين لماعتين أخاذتين ، عرفت ديار ( آل تليد ) بها ، بل ربما يغلب اسمها على ( جورا ) وعرفت بذكائها ، وشعرها رغم صغر سنها ، ولكنها تعيش في هذه البادية التي ليس فيها تعليم إلا المراحل الإبتدائية فيما ان مواصلة تعليم البنات بصفوفه العليا يعتبر من الترف إذا وصل إليهم ، وليس لهم استطاعة في التنقل للبحث عن التعليم .. وهي تتقن فن شعر الطرق الطويل .. وهو نوع يعتمد على مقاطع غنائية معينة ، ويكثر فيه الجناس وتكون غالباً كلماته الاخيرة من كل بيت متشابهة في لفظها ولكنها مختلفة في معناها ..