المراجع لمكتب الاستقدام بالرياض يلمس أن الموظفين فيه يقومون بجهود كبيرة في إنجاز عملهم، والقيام بمهام وظيفتهم الحيوية، ويخدمون آلاف المواطنين بروح عملية، وأنفس راضية، وإنجاز ملحوظ، ولا يلمس أيّ انعكاس لمستوى المبنى العتيق الذي يعملون فيه، بتواضع إمكاناته، وتهالك مرافقه، وتردي مستوى نظافته على إنجاز موظفيه للعمل، وتحمّلهم ضغوطه، فالمكتب يمارس نشاطه في خدمة استقدام الأفراد، ويصدر يوميًّا مئات التأشيرات للعمالة، إلاّ أنه لا يتّخذ لنفسه نصيبًا مفروضًا فيطلب طاقم صيانة ونظافة تزيل (الطعوس) التي ترامت في تجويفات حوائطه، أو تنظم الحقائب الحديدية الضخمة التي لم تجد مكانًا إلاّ الممرات أمام المراجعين، أو تستبدل بأجهزة التكييف تكييفًا مركزيًّا يخدم جميع المرافق، ومنها القسم الخاص باستقدام النساء، ولهذا فلا غرابة أن يردد مراجع المكتب: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول! وليس بكثير أن نتقدم بالشكر والتقدير لمنسوبي مكتب الاستقدام، فهم واجهة مشرقة، ونماذج للعطاء والإنجاز، خاصة حين نقارنهم بموظفين آخرين لا تحرّك إمكانات مكاتبهم وفخامتها وضخامتها شعرة في مفارقهم، وبدل أن تلهمهم الحدائق الغناء التي تحاصر كراسيهم للإبداع والإنجاز، لا يرون إلاّ مساهمتها في إبعاد الناس عنهم، ولا يجدون فائدة في خرير النوافير المتدفقة من حولهم إلاّ أنها تحجب أصوات مراجعيهم عن مسامعهم، وتوقف ضجيج المسؤوليات فلا يقترب منهم، فلا ينجزون وسط هذا الهيلمان إلاّ قراءة الصحف، وارتشاف القهوة، وتبادل النكات، ثم المغادرة لمنازلهم وانتظار رواتبهم آخر الشهر. في النهاية الإنسان هو الذي يعمر المكان بعقله وساعديه، وحدائق البشاشة تزدهر في روحه، ونوافير العطاء تتدفق في ضميره، فلا شيء يمنع المخلصين من أداء أمانتهم، ولا شيء يبعث المفرطين على تقدير ما أوتوا من نعم، ويحافظوا عليها قبل الزوال والتحوّل. [email protected]