ما هي المسوغات التي تبيح إزهاق الأرواح في أول يوم من أيام عيد الأضحى المبارك؟ وقطعًا لا يعني سؤالنا هذا ان قتل النفس البريئة مباح في غير الأعياد.. لقد كان يوم العيد أمس داميًا، وقاسيًا، وسلب الفرحة من أفئدة كثير من المسلمين الذين خرجوا من شهر رمضان الكريم بعد أن تشبعوا روحيًّا، وولدوا من جديد، سلبها بتفجيرات دموية في ليبيا والعراق واليمن، إضافة إلى المذابح والموت المجاني الذي ينفذه الأسد في سوريا الحبيبة. ومع أن الفارق نسبي وضئيل جدًّا بين مستويات العنف في تلك النطاقات، لكن يظل الناتج فى النهاية جرائمَ وحشية روّعت الآمنين، ويتّمت أسرًا، ولم تُقم وزنًا لا لدينٍ أو خلق.. وللأسف الشديد جرت كل هذه الأحداث في رقعة عالمنا الإسلامي بحجج واهية، وتصورات خاطئة في يوم مبارك، وتكون النتيجة اختلاط التهانى بدماء لشيوخ وشباب ونساء وأطفال ذنبهم إنهم كانوا في المكان المحدد ربما بمحض الصدفة. وإذا حاولنا قراءة التفجيرات فى سياق من ورائها.. ولماذا؟ لوجدنا أصابع التنظيمات الإرهابية واضحة البصمات فيها تلك الجماعات التي تتبنى دائمًا مثل هذه الأعمال الإجرامية وتبررها مع أن القتل عند تنفيذه في أبرياء يفقد أي منطق ولا يمكن شرعنته، ويبقى جريمة كاملة الاركان تستوجب القصاص لأنها تقع في دائرة الإرهاب. والمقاربة ما بين تفجيرات اليمن والعراق وليبيا، والتي راح ضحيتها عدد من الأبرياء تقول إن الجماعات المساحة وراءها بدعاوى مختلفة، ومختلقة، وأحيانًا تلوي فيها الحقائق، وتزيف لتلقى هوى في أنفس مريضة، يحرّكها الحقد والغلو، والأجندة الأجنبية، وتسارع دون تمحيص أو مراعاة لقواعد الدين الحنيف، والسلوك السوي، والاستقامة للقيام بتفجيرات وعمليات إرهابية تزهق أرواح الكثيرين. الدماء التي سالت في اليمن تتحملها القاعدة التي تريد ضرب استقرار اليمن، وتفخيخ مسيرته، وضرب سلمه الأهلي، ووصوله إلى بر الأمان بعد المبادرة الخليجية التى أمنت نقل السلطة، ونزعت فتيل الحرب.. والقاعدة ومن وراءها لا يريدون استقرارًا لليمن ولا لمحيطه أو جواره لذا المطلوب من الاطياف المجتمعية والسياسية هناك أن تفوت الفرصة على المتربصين بتمتين الوحدة والتلاحم، وتنفيذ بنود المبادرة الخليجية بالكامل والاصطفاف حول البرنامج الوطني لقطع الطريق أمام قوى الشر والبغى للأبد، وما يجرى فى اليمن أو ليبيا هو نسخة مكررة، وان لم يكن وقع الحافر على الحافر، فالعراق الذي يئن لزمن طويل وحتى الآن من التفجيرات والقتل الذي يتم على الهوية ولن يلغي هذا الفهم إلاّ تجسير الفجوة ما بين الكتل العراقية دون إقصاء أو تهميش، ودون تدخل خارجي لأن المسؤولية في النهاية هي ملكهم. .. والصورة بهذا الشكل تستدعي أن يهمس العقلاء في آذان القوى الوطنية في تلك البلدان أن توحد صفوفها وتمتن نسيجها الاجتماعى وتكون المواطنة هي الأس الأول للبلد وأن تجفف الفكر الإرهابى والداعين له والداعمين له وعندها لن نجد دماء تسيل بلا مبرر.