مَن يشاهد الأبناء الصغار يدرك حرص آبائهم على أن يكون ثوب الابن ثوبًا وطنيًّا، ويحرص على أن يعتمر الابن الغترة والعقال، وقد يضيف المشلح، ويبدو مظهر الأولاد جميلاً وهم يرتدون في العيد الزي الوطني، وقد يستغرب حرص الآباء على أن يكون الابن لابسًا ثوبًا سعوديًّا في العيد، وقد تضاف له بعض الزخرفة، وما يستوقف المتابع زهد الآباء أنفسهم في غير العيد في أن يظهر الأولاد مرتدين ملابس وطنية بدلاً من الملابس المستوردة، وبعضها قبيح المظهر، وقد يحمل كتابات لا يُعرف معناها، هناك مَن يرتدي بنطالاً إلى منتصف الساق، وبعض السيقان مظهرها منفر، وهناك مَن يرتدي بنطالاً ضيّقًا ويبدو مظهره مزعجًا في حالة سُمن الابن أو نحافته، وهناك مَن يلبس قميصًا قبيح المظهر والمخبر، وهناك مَن يُنزل البنطال من أعلاه، بحيث تكاد تبدو عورته، وقد يمنطقه بحزام عريض، تخللته بعض السلاسل، أو الحديد، أمّا الألوان فهي عجب، ولا تكاد تبقي على شيء من زينة اللباس التي وجّه الدِّين بأن نأخذها عند كل صلاة. والأغرب من لباس الصغار المزري ارتداء بعض الرجال بعض البنطالات بشكل يُذهِب وقار الرجولة، وحسن مظهرها، وقد يعجبك في الرجل ما وهبه الله من جمال الجسم، وتناسقه، حتى إذا ما رأيت لباسه سقط من عينك، وعرفت أن الجسم كبير، ولكن العقل إمّعة كلّما رأى لباسًا في إحدى القنوات سارع إلى ارتدائه. اللباس الوطني مظهر من مظاهر الهوية الوطنية، تحرص كثير من الدول عليه، وتعمّد مندوبيها في اللقاءات الرسمية بوجوب ارتدائه، وقد تُعرف جنسية الرجل من الثوب الذي يرتديه، والعمامة التي يلبسها، والعقال الذي يعلو رأسه، هذا إذا كان عربيًّا، أمّا إن لم يكن عربيًّا فإن الجنسية تُعرف من لباسه الوطني، وهناك بعض مَن تجنسوا في بعض الدول لم يتركوا لباسهم الأساسي حتى بعد أن تخلّوا عن جنسيتهم لظروف الحياة. كان الأولاد الصغار لا يقبل أحدهم أن يذهب للمدرسة من غير أن يكون لابسًا ثوبًا سعوديًّا، ويعلل ذلك بخشيته أن يظن أنه غير سعودي، فكيف تحوّل الحال إلى أن الأب يرتدي لباسًا يقلل من الوقار، ويطمس هويته الوطنية، وقد يثور لو خاطبه شخص كما يخاطب الأعاجم بلغة مكسرة، وينسى أنه هو من كسر هيبته، وأضاع مظهره الوطني المميّز. الحرص على أن يكون ثوب العيد ثوبًا وطنيًّا يدل على الصراع الثقافي الذي نعيشه، والذي تسعى بعض وسائل الإعلام من خلال التشجيع على الزي غير الوطني إلى تذويب الهوية الوطنية، وما الزي الوطني إلاّ المظهر الخارجي لها، أما لبابها وعمقها فهو الثقافة العربية الإسلامية، ولذلك سياق آخر ليس مجاله هنا. الحرص على أن يظهر المواطن وابنه في العيد بثوب عيد وطني دليل على الحرص على الجذور والهوية، والأمل ألا يكون ذلك في المناسبات، وقد يأتي يوم نجد الزي الوطني صار تاريخًا، فالهوية ظاهرًا وباطنًا من أسس الوطنية، والزي الوطني كالجلد من نزعه كمن نزع جلده وجذوره. فاكس: 012389934 [email protected] [email protected]