يعتبر الشكل الخارجي لأي فرد هو تعبير عن شخصيته، ويعكس مفاهيمه وقناعاته، وعندما نجد ان هناك موروثات قديمة ارتبطت بعادات وتقاليد المجتمع وأصبحت نمط معايشة يومي يميز شعباً من الشعوب أو منطقة من المناطق فيكون المساس بها خارج عن المألوف، ولفت النظر، ولكن مع تداخل الثقافات وتقريب مساحات الاتصال بأدوات التقنية الحديثة وعبر الفضائيات والانترنت يصبح خروج الموروث عن النمطية المتعارف عليها أمراً عادياً، وربما عدم التعامل مع ذلك الخروج يدل على الانعزالية في التعبير عن الذات بالطرق الحديثة المتاحة، وهذا ما نجده في الثوب الذي يرتديه الرجل منذ اجيال، والذي تأثر شأنه شأن أي جانب من جوانب التعبير عن الذات بسبب التطورات السريعة التي حدثت، فما هي مجالات التعبير عن ثقافة الثياب التي نتجت عن تداخل الثقافات المختلفة وانعكست صورة أخرى للتعبير عن ثقافة موروثة ومحدثة؟؟ تقليد الآخر عرض يابانيون من جامعة (كيو) اليابانية صرخة تكنولوجية في قطاع الألبسة عند ابتكارهم قميصاً تتبدل ألوانه، اعتماداً على حرارة جسم من يلبسه من خلال وشاح من الألياف الضوئية تتبدل ألوانه توافقاً مع لون اللباس، فهذه تقنية من المفيد الانفتاح عليها لتلوين الثوب الواحد، ولكي تتعدد ألوانه وفقاً للمنطقة البيئية وحرارتها، فاكتساب مثل هذه النوعية من الثقافة هام، بدلاً من التقليد الخارجي والركض خلف "المشهورين" لتقصي آخر مستجداتهم في الثياب، وهذا أثرى ثقافة التصميم بأفكار تخرج عن تغيير موديل الياقة والاكمام للمبالغة في ادخال مواد مكلفة على الثوب، مثل استخدام الذهب للأزرار أو اختيار الأقمشة الفاخرة لإظهار الثوب تماماً، كثياب النجوم والمشاهير، مع العلم بأن المشاهير قد يصممون الثياب لحفلاتهم فقط، وقد لا يرتدون ذلك الثوب إلا في المناسبات والحفلات القادمة في حين يسعى العديد من الشباب إلى التقليد الحرفي لثياب المطربين كتقليعة جديدة يومية، فتوارث ثقافة الآخرين ومحاكاتها حرفياً لا تشكل إلا ثقافة تعبيرية خارجية لا تصقل مبدأ، ولا تولد فكر، بل يصبح المظهر الخارجي للشاب شغله الشاغل. الثقافة النسائية هناك العديد من الخياطين الوطنيين الذين يعملون على ابتكار "موضات" جديدة تحتفظ بالقواعد الأساسية للزي التقليدي للخروج بإنتاج جديد، وتحاول إدراج موديلات متعددة في الثياب الجاهزة عبر شركات تصنيع الثياب السعودية، التي سمح تواجدها ارتفاع في سعر تفصيل اجرة الثوب، فيكون سعر الثوب الجاهز ربما نصف سعر التفصيل، وذلك ساهم في بروزها مع دعمها للثوب بموديلات مختلفة، ولكن ان يمتد التجديد لأن يحاكي الثوب "العباءة المخصرة" للنساء والتي تتميز بتضييق واضح في منطقة الوسط، فهذا ما يبدد الرؤية الحقيقية لمعنى الرجولة" وطريقة التعبير عنها، ويضع الشاب في مواجهة حقيقية مع تقليعات النساء، لكي يثبت حركة التجديد والتغيير في منظره الخارجي. ولعل تأثير النساء كعامل هام على تفكير الزوج او الابن صبغ تلك الموديلات بثقافات الاختيار النسائية وبالطابع الانثوي الشفاف، كما ان اختيار النساء لأثواب الرجال اثرى الثوب السعودي المبتكر بالطابع النسوي كسماكة الرقبة وإخفاء الأزرة، وهناك بعض النساء اللاتي يذهبن للمحلات الخاصة بتفصيل الثياب ويتدخلن في تصميم الثوب ونوعية قماشه وطريقة التطريز وكأن المرأة تريد أن تخيط الثوب لها ويؤثر على أفكار بعض الشباب في اختيار نوعية القماش والموديل قبل الزوج وبعد الزواج، وهذا ما يظهره الشكل النهائي للثوب، وخصوصاً ثياب العيد والمناسبات، بل أن هناك سيدات يحرصن على خياطة نوعية ثياب الجينز التي ظهرت مؤخراً في بعض المحلات حيث يطلبنها وهذا لا يعطي إيحاء بالثوب بقدر ما هو فستان امرأة على هيئة ثوب.. ثقافة الخليج تقارب منطقة دول الخليج فتح المجال امام اختراق الفروق الثقافية الطفيفة بين دول المنطقة، حيث إن أصول وموروثات دول الخليج العربي متقاربة ولا تختلف إلا باختلاف بعض العادات المتمثلة في شؤون الزواج وعادات الاحتفال به، إذا نظرنا إلى جغرافية المنطقة وانفتاح الشعوب بعضها على بعض واشتراكها في الثقافة السياسية والاقتصادية والأصول القديمة لبناء تلك الدول، وهذه إحدى نقاط تشابه الثقافات وتقارب اللهجات وتبادل الحضارات والتي تنعكس على التبادل التجاري ايضاً، ومن هنا كان من السهل خروج الثوب السعودي عن ثوابته، فهناك أثواب ظهرت بلا جيب علوي، وآخر بجيب اضافي اسفل الجيب العادي، فيما ظهرت اكمام لا تتميز بالقماش الثقيل، بل قماش بنفس سماكة الثوب. واصبح الثوب السعودي يحتوي على خريطة الخليج المتناثرة التصميم سواء على الياقة او في طريقة اتساع الثوب أو في التطريز، وهو ما جعل شركات التصنيع والمصممين والخياطين على دمج الطراز القطري مثلاً الذي يستخدم قماشاً معيناً جيبه على خط مستقيم وأدراجه هذا التصميم في الثوب السعودي، كما تأثر بالثوب الكويتي والذي يعرف بالاستاع والذي تمتد أطرافه الجانبية تحت الجيوب على شكل مثلث، فلو كانت ثقافة الثوب تتسع لتشمل ثقافة موروثات الشعوب لكان هناك فلسفة ثقافية تستقي من حضارة كل شعب ليتجاوز التبادل الخارجي بالتغذية العقلية لكل حضارات تلك الشعوب، فيكون هناك اتصال ثقافي وتناول جيد لمشاكل الشباب وحلها من قبل طرح الأفكار والآراء لدعم فكر الشاب الخليجي ليتجاوز صلته في التعبير عن تمازجه مع أبناء الخليج بعمق صحيح في تناول المبادئ والقيم الجميلة التي تحملها ثقافة كل بلد.. نمطية الفرد نشر على الانترنت بأن شركة المانية تعرض نظاماً معلوماتياً ثلاثي الأبعاد يسمح جسم الزبائن ضوئياً ويمكنهم من شراء القياسات المناسبة للألبسة، وبذلك يتحقق حلم قياسي الألبسة دون الحاجة لقياس الثياب في غرف المتاجر الضيقة بأوروبا. وذكرت الشركة انه ليس على الزبون إلا إدخال رقم مرجع اللباس كي يشاهد على شاشة الكمبيوتر على الأثر شخصية وهمية تشبهه تماماً تعرض عليه كيف تبدو أنواع الألبسة على جسمه من ضيقة أو واسعة، فلو كان هناك اهتمام ثقافي بالمستجدات الالكترونية حتى في اختيار الالبسة ومعرفة المقاسات المناسبة لتحسين الشكل الخارجي، بدلاً من خلق "البهرجة" المبالغ فيها إذا وافقنا بأن الشاب يغير في شكل ثوبه ليحقق المظهر المناسب والذي يبرز نمطية فرد عن آخر ويعطي المبرر له. فمثلاً سبب إدخال "الياقة الصينية" إلى الثوب السعودي هو ان شباب جدة نادراً ما يرتدون الغترة والعقال مع الثوب وهم عادة يفتحون الياقة بسبب "الحر" ولو تعمقنا قليلاً في ثقافة شباب جدة لوجدناهم منفتحين على حضارات مختلفة ومختلطين بثقافات متعددة بحكم موقع هذه المدينة كبوابة للحرمين الشريفين، وحيث الوضع التجاري في اختلاط الثقافات مع الدول الأخرى، فتولدت نمطية مختلفة في طريقة ارتداء الألبسة، مما اثر حتى التعامل مع الثوب السعودي كموروث، وتقبل الشاب الذي انفتح على كافة انماط التغيير في الثوب ليخرج عن نمطية الثوب التقليدي، وتكبر هذه الفكرة مع سفر الشباب للخارج والإطلاع عن قرب على عروض الأزياء المختلفة والتصميم الذي بدأ يتسلل عبر أنماط الثياب المختلفة التي لا تبرز موديلاً معيناً بقدر ما تبرز ثقافات مختلفة لطريقة اختيار تلك الموديلات..