أعادتني قراءة بعض خواطر الصديق الدكتور احمد العرفج التي نشرها في جريدة المدينة حول نيل درجة الدكتوراه، بعد جهد وسنوات ومراجعات إلى أن نال هذه الدرجة العلمية العالية، أعادني إلى ما يقارب ثلاثة عقود حين أنهيت دراسة الدكتوراه التي ختمتها برسالة ناقشتها لجنة علمية برئاسة رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة كليرمونت للدراسات العليا بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ورئيس اللجنة العلمية المُشرفة على الرسالة واسمه فريد وارنر نيل. وكانت الرسالة تتناول وقتها واحدة من أهم القضايا الدولية بعد حرب رمضان/أكتوبر 1973 وهي استخدام العرب ل"سلاح النفط". وكان عنوان الرسالة هو : (Arab Petropolitics)، حيث جاء مًصطلح ( Petro-Politics) مُصطلحاً جديداً أستحدثته في تلك الدراسة. *** وقد أوصى رئيس اللجنة المشرف على الرسالة بنشرها لأهمية موضوعها آنذاك، غير أنني كنت في عجلة من أمري للعودة مع بداية الفصل الدراسي في الجامعة حيث كنت تواقا لتدريس مادتي في العلاقات الدولية التي كنت أحضر لها أثناء دراستي للدكتوراه، وذلك قبل أن يفوتني توزيع المواد على المدرسين بقسم العلوم السياسية، بجامعة الرياض (الملك سعود)، وهو قرار ندمت عليه لاحقاً لأسباب عديدة لا مجال للإفصاح عنها هنا. لكن الرسالة طُبعت فيما بعد باللغتين الإنجليزية والعربية، الأولى تبنت "لجنة الإعلام البترولي"، وهي إحدى اللجان المنبثقة من مجلس إعلام دول الخليج العربية، ومقرها الكويت، وكان يرأسها وكيل وزارة الإعلام الكويتية (آنذاك) الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح (رئيس وزراء الكويت من الفترة 7 فبراير 2006 - 28 نوفمبر 2011)، تبنت نشرها، ونشرتها دار كروم هيلم البريطانية [Arab Petropolitics, London: Croom Helm, 1984]. أما النسخة العربية فقد نشرها قبل ذلك مركز الخليج للتوثيق والإعلام، تحت عنوان: (النفط والسياسة العربية) وذلك عام 1401ه – 1981م. *** رغم فرحتي بنيل الدرجة العلمية إلا أن الحياة في المملكة وفي العاصمة الرياض على وجه الخصوص، بعد العودة من الدراسة بعد خمس سنوات من عام 1971 وحتى عام 1976م، كانت قد تغيرت بدرجة كبيرة نتيجة للطفرة النفطية التي شهدتها البلاد خلال تلك الفترة. فرغم الترحيب الكبير بالخريجين والحاصلين على درجات علمية عالية آنذاك، إلا أن الحياة العملية جرفت كثيرين نحو حياة المال والأعمال حتى أن بعض الزملاء الذين تركناهم بحال .. أصبحوا بحال آخر بعد عودتنا .. وسبحان الله في الفرق الذي أصبح عليه الأمر بين حال وحال. ما أريد أن أقوله أنه رغم الدرجة العلمية التي كنت أتوق إليها فإن الحياة العملية على أرض الواقع أجبرت الكثير منا للخروج من الأخلاقيات والمثاليات التي كانت تُحيط بالحياة العلمية، والتمرغ في أرض الواقع العملي وأرض الحقيقة بتضاريسها التي انعكست علي حياة الكثير منا. * نافذة صغيرة: [يمكن أن يكون عندك علم اينشتين ولا ينفعك علمك بل تكون أدنى الناس أخلاقاً وأرذلهم مُعاشرة.] د. مصطفى محمود [email protected] [email protected]