كلنا يعلم أجر الاعتكاف في هذا الشهر الكريم، فكيف إذا كان في أقدس وأطهر الأماكن، وأجلها وأشرفها، في الحرم المكي أو المسجد النبوي. هنا في مدينة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، الأجواء الروحانية تغمر أهلها وزوارها، وتتضاعف هذه الأجواء في العشر الأواخر من رمضان، حيث يقترب الرحيل ويعز الفراق، وتبدأ أعمال مخصصة لهذه العشر، وتزداد النفوس شغفا في نيل رضوان رب العزة والجلال، والفوز بالعتق من النار. في هذه العشر يبدأ الاعتكاف وتبدأ معه صلاة التهجد نافلة وقربى، ورغبة في القبول وتحري ليلة القدر. وحدثني إخوتي حفظهم الله عن ما شاهدوه بأم أعينهم من تصرفات من بعض المعتكفين؛ لا تليق بالمسجد النبوي الشريف، ولا أي مسجد آخر، فالافتراش في كل مكان، والأكل والشرب والنوم، وكذلك تعليق الملابس بشكل غير مقبول.. والأمر الذي يؤذي البشر والملائكة إحضار أطعمة تحتوي على البصل والثوم.. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان المسجد إن أكل أحد هذا الطعام، حيث إنه مؤذي للغاية. الأمر أصبح فيه تضييق على من يريد الصلاة، فكيف بمعتكف يؤذي مصلٍ ويُضيّق عليه، وإن أردت نصحه هناك للأسف من يتطاول ويرفع الصوت؛ في مكان لا يجوز فيه رفع الأصوات، والنبي عليه الصلاة والسلام شاهد عليهم وعلى تخاصمهم أو نفورهم، أو تضرر أحد على حساب الآخر. ما يحدث عند الرجال يحدث شبيه له في مصلى النساء، حيث النوم وحجز الأماكن ورفع الصوت وتضييق على من تريد الصلاة، وقضية التفتيش على جوالات الكاميرا، ولا أعتقد أن هناك من يستخدم غيرها في هذا الوقت من الزمان، ما نحتاج التفتيش عليه نظافة الإنسان في مظهره ورائحته، إن كان لا يحترم قدسية المكان والزمان، فلا يُسمح له بالدخول، خاصة وأن المسجد النبوي مغلق، والأعداد غفيرة، والرائحة تنتشر وتؤذي. الأمل معقود في القائمين على شؤون المسجد النبوي في تقنين الأمر، وتحديد أماكن مخصصة للاعتكاف، حتى لا يحدث هذا التضييق، وإن كان الناس في جهل من أمرهم فيما يخص الطعام المنهي عنه، فلا بد أن يعلموا ويفقهوا في أمور دينهم. تقبل الله من الصائمين والقائمين، والمعتكفين والركع السجود، وجعلنا الله وإياكم من المقبولين، ومن عتقاء هذا الشهر الكريم. [email protected]