في لقاء علمي وأدبي وإعلامي مميّز، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة عن أسماء الفائزين بجوائز سوق عكاظ لهذا العام، وذلك في مقر الإمارة ظهر يوم الثلاثاء 19/9/1433ه. وأقول إن اللقاء كان مميّزًا، لأن قيادات الفكر والثقافة والتعليم في بلادنا شاركوا في إعلان أسماء الفائزين وهم: معالي وزير التعليم العالي، وسمو وزير التربية والتعليم، وسمو رئيس هيئة السياحة والآثار، ومعالي وزير الثقافة والإعلام، وبعد إعلان أسماء الفائزين سيتوجون جميعًا في حفل الافتتاح الرسمي للسوق في الرابع والعشرين من شوال المقبل -إن شاء الله- في مقر السوق بالطائف المأنوس. وقد نال الجوائز في دورة السوق السادسة اثنا عشر فائزًا وفائزة في فروع الجوائز المختلفة، وتعددت جنسيات الفائزين والفائزات، وحازت على لقب شاعرة عكاظ لهذا العام الشاعرة السودانية روضة الحاج عثمان، التي ستتحصل على جائزة نقدية كبيرة قدرها ثلاثمائة ألف ريال، وستمنح فرصة إلقاء قصيدتها الفائزة في حفل الافتتاح، كما ستوشّح ببردة شاعر سوق عكاظ، وهو المتبع في كل دورة من دورات السوق. وفروع الجوائز تشمل كما هو معروف، الخط العربي، والتصوير الضوئي، وجائزة شاعر «شباب عكاظ»، والإبداع والتميّز العلمي، وجائزة «لوحة وقصيدة». إضافة إلى جوائز في الحِرف اليدوية والفولكلور الشعبي ستعلن خلال فعاليات السوق، ولم يقتصر اللقاء على إعلان الفائزين فقط، بل تحدث سمو الأمير خالد الفيصل رئيس اللجنة الإشرافية على السوق عن الفعاليات الثقافية التي ستشهدها السوق هذا العام، التي تشمل 11 ندوة ومحاضرة، يشارك فيها نخب المثقفين في العالم العربي، وستقدم في السوق لأول مرة هذا العام حلقة نقاش عنوانها: «ماذا نريد من الشباب؟ وماذا يريد الشباب منا؟» وقد اختتم اللقاء بفتح باب النقاش، وأتيحت الفرصة للإعلاميين لسؤال سموه عمّا يريدون حول فعاليات السوق وجميع شؤونها. وكان لي سؤال لسموه هو أشبه باقتراح أن تكون هناك جائزة في السوق للنثر الفني، تعدل جائزة شاعر عكاظ في وزنها وقيمتها الأدبية والمالية، لأن النثر قسيم الشعر في فنون القول، ولأن سوق عكاظ كانت عامرة بالشعر والنثر في الجاهلية، وصدر الإسلام. ولا تغيب عن البال خطبة قس بن ساعدة الإيادي التي استمع إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عكاظ: «أيُّها الناس من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آتٍ آتٍ... إلخ»، وهي خطبة يحفظها جمهور الدارسين في العالم العربي من مختصين وغيرهم، وقد فاخر بالنثر أدباء العربية الكبار في عصر النهضة، كما فاخروا بالشعر تمامًا. ومنهم: محمود سامي البارودي الذي يقول: أنا فارس أنا شاعر في كل ملحمة ونادي وإذا ركبت فإنني زيد الفوارس في الجلاد وإذا نطقت فإنني قُسُّ بن ساعدة الإيادي وأخيرًا، فإن جوائز الشعر في عالمنا العربي تترى، أمّا جوائز النثر الفني فقليلة، أو منعدمة، ويشمل ذلك الخطابة، والنثر المرسل، والمزدوج، والمسجوع، والمقالة الأدبية بشكل عام، وأعتقد جازمًا أن سوق عكاظ أولى وأحرى من أي مهرجان أدبي في العالم العربي بأن تتبنى جائزة كبيرة للنثر الفني الذي ضعف كثيرًا في الأدب العربي في الوقت الحاضر. وقد أجابني سمو الأمير جوابًا واعدًا، ومبشرًا حين قال سموه: إن السوق وجوائزها لا تزال في البدايات، وإنه يرحب بكل الاقتراحات البنّاءة لتطوير السوق عمومًا والجوائز خصوصًا، وهو أمر يبشّر بخير كثير خصوصًا، وأن سموه أكد في هذا اللقاء الكبير أن اللجنة الإشرافية بصدد تقويم تجربة السوق بشكل عام قريبًا. أمر آخر لابد من أن أذكره، وقد تبادر إلى ذهني حين حضرت هذا الاجتماع الذي تزامن مع الدعوة إلى القمة الإسلامية الاستثنائية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في شهر الخير والبركة، فهذه البلاد -ولله الحمد- مهوى أفئدة المسلمين، ومهد الرسالة المحمدية الخالدة، وهي في الوقت نفسه مهد العروبة، وفيها نشأت هذه اللغة الشاعرة الخالدة، فقد ذكر مؤرخو اللغات أن العربية نشأت في بوادي نجد والحجاز وتهامة وهي المملكة العربية السعودية اليوم، وهذه هي مواطن الأصالة التي أخذ عنها اللغويون العرب القدامى كالخليل بن أحمد، والكسائي علومهم، ووضعوا أسس اللغة برمتها. وانعقاد هذه القمة الإسلامية الجامعة، ومن ثم قيام هذه السوق العربية الأصيلة دليل على أن هذه البلاد المباركة هي قلب الإسلام النابض، كما أنها قلب العروبة النابض، ولا انفصام بين العروبة والإسلام بحال من الأحوال. وإن فاخر كل العرب بعروبتهم فحسب، فلنا نحن أبناء هذه البلاد الطاهرة أن نفاخر بالإسلام أولاً، ثم بالعروبة ثانيًا، وأبارك مجددًا لكل القائمين على هذه السوق العربية الأصيلة هذا الإنجاز التأريخي الذي يضم إلى إنجازات تأريخية كبيرة أخرى تحققت في منطقة مكةالمكرمة، مهبط الوحي، ومهد العربية في ظل أمير مثقف شاعر وفنان وقيادي محنك، وتوجيه قائد ملهم لا يضن على المنطقة بدعم غير محدود. [email protected]