تتواصل أعمال العنف والإبادة الجماعية والتطهير العرقي في إقليم أراكان بميانمار «بورما»، حيث اندلعت أحداثها قبل أكثر من شهرين، بعد أن اعتدى أكثر من 300 شاب من عرقية «الموغ» ذات الديانة البوذية على عشرة من الدعاة المسلمين الذين قدموا من العاصمة القديمة لميانمار «رانغون» لتعليم المسلمين الروهنجيين كتاب الله تعالى، وبعض أمور دينهم. ومنذ تلك الواقعة قام البوذيون بإحراق عدد كبير من القرى وهدم المنازل وحرق المسلمين الروهنجيين وهم أحياء، واعتقال عدد كبير من الشباب والمثقفين ورجال الدين يصل عددهم لأكثر من خمسة آلاف معتقل، وقتل أكثر من أربعة آلاف نفس، وتشريد أكثر من 200 ألف أراكاني. وعلى إثر ذلك تحركت وسائل الإعلام المختلفة، العربية والإسلامية والغربية، وبثت صوراً ومقاطع مرئية فظيعة تظهر فداحة الوضع هناك، كما توالت ردود الأفعال الشعبية والسياسية، الإسلامية والعربية والعالمية، فخرجت مظاهرات كبيرة في كل من باكستان وإندونيسيا وماليزيا ومصر والكويت وبريطانيا وإيرلندا واستراليا وغيرها، وصدرت العديد من المواقف من كل من الأممالمتحدة ومنظمة العفو الدولية وهيئة حقوق الإنسان والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي الذي عقد العديد من الاجتماعات لإيجاد حل عاجل وعادل للقضية، وخرجت بتوصيات من أهمها: طلب عقد جلسة خاصة بمجلس حقوق الإنسان الدولي لمناقشة القضية، وتشكيل لجنة تحقق وتقصي حقائق فيها، وإرسال مبعوث خاص للأمين العام ووفد رفيع المستوي إلى هناك، كما بينت هيئة حقوق الإنسان بأن قوات الأمن البورمية ارتكبت أعمال قتل واغتصاب واعتقالات جماعية في حق مسلمي الروهنجيا بعد أن أخفقت في حمايتهم، وأدت القيود الحكومية المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سكن الروهنجيا إلى معاناة أكثر من 100 ألف نازح ومشرد من الحاجة الماسة للغذاء والمأوى والرعاية الطبية. وحصل حراك إعلامي كبير لهذه القضية، وتحرك سياسي على مستوى الدول والحكومات، حتى دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود إلى اجتماع قمة استثنائي في مكة يبدأ اليوم ، وجعل من أبرز محاوره مناقشة قضية مسلمي الروهنجيا في ميانمار، كما أدان مجلس الوزراء في المملكة حملة التطهير العرقي والأعمال الوحشية التي تقوم بها السلطات البورمية ضد الأقلية الروهنجية، وانتهاك حقوق الإنسان لإجبارهم على مغادرة وطنهم، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لتوفير الحماية اللازمة والعيش الكريم للمسلمين في ميانمار والحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا. فهل تندم الحكومة الميانمارية عندما فكرت في إبادة الروهنجيا ظنا منها أن العالم سوف يسكت كما سكت في جرائم الإبادة السابقة؟ وهل تحكم عقلها وتنصف الروهنجيين وتمنح لهم كامل الحقوق؟ وهل تتوقف المواقف الشعبية والرسمية بإصدار التنديد والاستنكار والقيام بالمظاهرات؟ أسئلة نترقب إجاباتها في قابل الأيام. عطا الله نور الأركاني-إعلامي وناشط حقوقي