عندما اخترع اليونانيون المسابقات الأوليمبية أو بمعنى آخر الألعاب الرياضية، كانت فلسفة الرياضة تقوم على التحدي الفردي، أما الألعاب الجماعية الحديثة فإن البشر لم يعرفوها قبل مائتي عام من الآن. الرياضة في الأساس تقوم على المنافسات ذات الطابع الفردي، وهو ما ترك أثره على جميع الألعاب الجماعية فيما بعد. على سبيل المثال فإن كرة القدم التي تعتبر اللعبة الأكثر جماعية والأشهر والأكثر شعبية، لم تتخلص بعد من تأثير الأفراد الخارقين. لاعب كمارادونا مثلا استطاع أن يفوز بكأس العالم رغم أنه كان يلعب ضمن منتخب كان هناك عدد من المنتخبات تفوقه من حيث المستوى في مونديال المكسيك 86. ثم استطاع نفس اللاعب أن يفوز ببطولة الدوري الإيطالي مرتين رغم أنه كان يلعب لواحد من فرق الوسط وهو نابولي. وبالمناسبة فإن نابولي لم يفز قبل مارادونا أو بعده بأية بطولة للدوري حتى الآن. والآن هل يمكن تجاهل دور لاعب كليونيل ميسي في برشلونة. بل هل كان يمكن تجاهل أدوار لاعبين خارقين لكنهم لم يبلغوا درجة العبقرية مثل ميسي ومارادونا، كزين الدين زيدان وفان باستن وروماريو وكانتونا وديديه دروغبا وديفيد سيلفا وباتيستوتا وريفالدو وتيري هنري وغيرهم وغيرهم؟! جتى الفرق الجماعية العظيمة التي كانت تستطيع تعويض النجوم الكبار في حال رحيلهم والتي نجحت في صنع ما لا يقل عن خمس أو ستة أجيال متعاقبة، فإن مدراء فنيين عظماء كانوا وراء انجازاتها التي يصعب تكرارها. تصور مثلا مانشستر يونايتد دون المدير الفني العبقري السير أليكس فيرجسن.. ما الذي كان سيحدث..؟ تماما.. عندها لن يكون للفريق القدرة على تعويض جيل أو جيلين فما بالك بكل هذه الأجيال وهذه الأفكار والاستراتيجيات والرسوم التكتيكية التي اعتمد عليها الفريق منذ العام 86 وحتى الآن؟! كل ما أريد أن أقوله هو أن فلسفة الرياضة تظل فلسفة فردية في المقام الأول، حتى طبيعة المنافسة نفسها تصبح فردية الطابع مع ظهور نجوم الرياضة الخارقين. الأوكراني سيرجي بوبكا لاعب القفز بالزانة على سبيل المثال، نافس نفسه طويلا إلى درجة أنه استطاع أن يكسر رقمه الشخصي الذي كان هو ذات الرقم العالمي اثنتين وثلاثين مرة..! ومحمد علي كلاي استطاع أن يستعيد لقبه العالمي للوزن الثقيل ثلاث مرات. وها هو اللاعب العبقري ليونيل ميسي ينافس نفسه ويستمر في تحطيم أرقامه الشخصية منذ عدة أعوام. الرياضة مجال فردي في الأساس. [email protected]