قال قاضي قضاة فلسطين السابق الشيخ تيسير التميمي والذي كان قد تولى تجهيز كفن ياسر عرفات وتغسيله إن نزيف دم استمر من رأس الرئيس الفلسطيني الراحل بعد ست ساعات من إعلان وفاته. وأعرب التميمي عن جزمه بأن عرفات الذي توفي في 11 نوفمبر 2004 تعرض للقتل مسموما، وقال إن الدلائل وحالته الغريبة التي ظهرت حتى بعد وفاته تؤكد ذلك قطعيا. وأضاف إنه أشرف على تغسيل جثة عرفات بعد ست ساعات على وفاته، حيث كان الدم ينزف ولم يتوقف من أجزاء في جسده خاصة منطقة الرأس والوجه، مع وجود بقع حمراء وزرقاء في اليدين والساقين والفخذين. وأجرى معهد «رادييشين فيزيكس» في لوزان تحليلا لعينات بيولوجية أخذت من مقتنيات شخصية لعرفات استعملها قبل فترة وجيزة من وفاته، وهي أغراض تسلمتها أرملته سهى عرفات من المستشفى العسكري في بيرسي جنوب باريس حيث توفي. وعثر المعهد على «كمية غير طبيعية من مادة البولونيوم» المشعة السامة، كما أفاد فيلم وثائقي بثته قناة الجزيرة القطرية قبل أسبوعين. ويعد التميمي من أشد المقربين لعرفات وعمل على ملازمته خلال تعرضه لحصار إسرائيلي مشدد في مقر (المقاطعة) في رام الله في عام 2001. وروى التميمي أن أعراض المرض بدأت تظهر على عرفات قبل ثلاثة أشهر من وفاته، حيث كان يعاني من حالة ضعف وهزال شديدة يرافقها تقيؤ وإسهال، واضطرابات عضلية في جسده. وذكر أن عرفات كان يقاوم في بداية مرضه ويصر على أنه بخير ولا يعاني سوى من الانفلونزا، غير أن صحته استمرت في التدهور بشكل متصاعد، حتى بدأ يتقيأ أي طعام يتناوله ما أوصله إلى ضعف عام في جسده وهزال شديد. بينما كان يصر عرفات على استقبال زواره وهو يجلس على كرسيه بشكل طبيعي حتى ساعات الليل المتأخرة، لاحظ التميمي أن التدهور في صحته استمر بشكل خطير ما استدعى استقدام وفدين طبيين من تونس ومصر. وأشار إلى أنه نصحه مع عدد من المسؤولين الفلسطينيين في بداية شهر أكتوبر بضرورة السفر إلى الخارج لتلقي العلاج لكن عرفات رفض ذلك بشدة، وكان يردد «يريدون إخراجي من فلسطين حتى يتخلصوا مني.. أريد أن أموت في فلسطين وأدفن فيها، أوصيك أن تدفنني في القدس بالمسجد الأقصي». وذكر التميمي أنه كان ألح على عرفات قبل يوم من سفره إلى باريس لتلقي العلاج، بضرورة الإفطار خلال ما تبقي من أيام شهر رمضان، غير أنه كان يرفض ويصر على أنه بخير وقادر على الصيام. وتعرض عرفات لحصار إسرائيلي مشدد في ديسمبر 2001 بعد عام من فشل أبرز جولة مفاوضات مع إسرائيل في كامب ديفيد برعاية أمريكية للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي في حينه. وفي أكتوبر عام 2004 تدهورت الحالة الصحية لعرفات، ونقل إثر ذلك إلى الأردن، ومن ثم إلى مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا يوم 29 من الشهر ذاته، وذلك بعد تلقي تأكيدات أمريكية وإسرائيلية بضمان حرية عودته للوطن.