القضية أثار التفاوت الملموس في الأحكام بالقضايا المتشابهة دعوات متواترة في الآونة الاخيرة لتقنين الاحكام حتى تكون مرجعا لمساعدة القضاة خاصة في القضايا التعزيرية، وفي حين يرى البعض ان التقنين بات مسألة وقت، يرى البعض الاخر اهمية ترك المجال للقضاة من اجل الاجتهاد وانزال الاحكام المناسبة لاختلاف ملابسات كل قضية عن الاخرى، وفي الوسط من تلك الرؤية يرى طرف ثالث امكانية التقنين دون ان يكون هناك الزام للقاضى به. المشكلة يشكو كثير من المتقاضين من تفاوت ملحوظ في الأحكام بالقضايا المتشابهة مما يؤثر على أوضاعهم الأسرية الحل تفعيل موافقة هيئة كبار العلماء على تقنين الاحكام الزام القضاة بالتقنين في القضايا التعزيرية التشديد على ان التقنين لا يتعارض مع حق القضاة في الاجتهاد المنع من الاجتهاد في البداية يرى القاضي بوزارة العدل سابقا المحامي محمد بن سعود الجذلاني ان تقنين الأحكام القضائية مسألة وقت وذلك لما نشاهده من ازدواجية في الاحكام وتضاربها حسب قوله مؤكدا على ضرورة الالتزام بهذا التقنين وليس اقراره فقط. وقال إن هيئة كبار العلماء أجازت تقنين الأحكام القضائية إلا أنهم لم يلزموا بها احدا وهذا غير كاف من وجهة نظري. واوضح ان التقنين سيساعد على تخفيف الضغط الذي يواجهه القاضي عند اكتمال ملف القضية لأنه لن يكون أمامه سوى تطبيق نصوص التقنين إضافة إلى توفير الوقت الذي سيذهب لو حكم القاضي باجتهاده. كما سيحد النظام من التفاوت خاصة في الأحكام التعزيرية. وبالنسبة للمؤهلين لوضع نظام مقنن للأحكام القضائية يعتبر الجذلاني أن علماء الشريعة هم المؤهلون لذلك أما القانونيون فقد يشاركون في الأمور الشكلية كصياغة المواد وتبويبها. وأشار الى أن أكثر القضاة يرفضون تقنين الأحكام القضائية لأسباب منها منعهم من الاجتهاد حسب رؤيتهم، كما قد لا يقتنعوا بالحكم المقنن فيكونون قد حكموا بما لايعتقدونه وهذا محرم، فضلا عن أن تقنين الأحكام قد يكون ذريعة للأنظمة الوضعية. وخالف الجذلاني القضاة الذين قالوا إن التقنين سيمنع القاضي من الاجتهاد معللا ذلك بعدم بلوغ أكثر القضاة إلى درجة الاجتهاد علاوة على عدم تمكنهم بأدواته مبينا أن عدم بلوغ هذه المرتبة لا يعد نقصا بالقاضي ولكن هذا جزء من الضعف العلمي في آخر الزمان، وصنف قضاة المملكة بأنهم الأفضل في العالم الإسلامي والعربي وذلك لما لديهم من العلم الشرعي. تخفيف الضغط من جانبه يرى رئيس اللجنة الوطنية للمحامين بالمملكة الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز الغصن أن تقنين الأحكام سيخفف الضغط على القضاء، وطول النظر في القضايا، وتفاوت أحكام التعزير في القضايا المتشابهة، كما يجعل القاضي يبت في القضايا بشكل سريع لأن لديه مواد نظامية يستند إليها في حكمه بدلا من البحث في المراجع الفقهية، منوها إلى أن دارسي الشريعة الإسلامية مؤهلون لتقنينها أكثر من دارسي القانون. ويشير الغصن إلى تجارب لدول قديمة وحديثة في تقنين الشريعة الإسلامية منها مجلة الأحكام العدلية للدولة العثمانية، ومجلة الأحكام الشرعية على المذهب الحنبلي ببعض الدول العربية. وقال ان المحامين سيكونون الاكثر فرحا وسعادة بخطوة التقنين التي ستسهم في معرفة المآلات الشرعية والقضائية للدعاوى وإفهام الخصوم بالعقوبات المترتبة، كما يسهم ذلك أيضا في انخفاض عدد القضايا، والحد من القضايا الكيدية، إضافة إلى سرعة الإنجاز لدى القضاة الذين غالبا ما يقضون أوقاتا طويلة في بحث المسائل والنوازل الفقهية والقضائية، ولفت في هذا السياق الى كثرة القضايا التي يتلقاها القاضي يوميا في مكتبه، وجميعها تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة ومراجعة أقوال العلماء والفقهاء والترجيح بينها واختيار ما يتوافق مع المسألة، كما أن من أشد ما نواجهه في المحاكم تفاوت الأحكام في قضايا الحضانة والنفقة إضافة إلى التعزيرات. وقال المحامي والمستشار القانوني صالح الصقعبي إنه لا مانع من تقنين الأحكام القضائية عدا المنصوص عليها شرعًا والمحددة جنسًا وقدرًا من الله عز وجل مؤكدًا أن ذلك سيحد من تفاوت الأحكام في القضايا المتطابقة التي توقع الجهات القضائية في حرج شديد تجاه الرأي العام, وأشار إلى إمكانية إناطة تلك المهمة إلى علماء شرعيين وقانونيين واجتماعيين إلى جانب علماء النفس والخبراء في القضايا التجارية, وقال إن التقنين لا يعد مخالفًا للشرع والنظام مشيرًا إلى أن أكثرالقضاة الآن هم قضاة ضرورة ولم يصلوا إلى درجة الاجتهاد, وتساءل: كيف يكون ملازم القضاء له حق الاجتهاد وهو لم يتجاوز عمره 24 سنة. ويلفت المحامي والمستشار القانوني الدكتور أنور بخرجي إلى أن الأحكام القضائية التي لا نص فيها يجب تقنينها خاصة التعزيرية أسوة ببعض القضايا كالرشوة والتزوير وما شابهها من الأحكام المقننة مشيرًا إلى أن ذلك ليس مخالفًا للكتاب والسنة. وأوضح أن المجتمع تضرر من اجتهاد بعض القضاة مرجعًا ذلك لعدم القدرة على استنباط الأحكام والتفاوت في الأحكام القضائية مما أدى إلى فجوة كبيرة. وأوضح ان القاضي سيستفيد من التقنين لأنه عند قناعته بالعقوبة سيصدر حكمه بناء على النظام الموجود امامه، ويرى أن علماء النفس بإمكانهم المشاركة في وضع نظام الأحكام البديلة.