لم يمر قرار اتخذه الرئيس المصري الجديد الدكتور محمد مرسي حتى الآن، رغم الفترة القصيرة التي مضت على توليه الرئاسة، دون أن يكون له تداعيات على الساحة المصرية. فرغم أن الرجل حدد بشكل واضح منطلقاته السياسية وبرنامج عمله في لقاءاته وأحاديثه التلفزيونية سواء قبل فوزه بالرئاسة، أو في خطاباته التي تلت فوزه، إلا أن هناك من ظل يربطه بإخوانيته وانتسابه الى حزب الحرية والعدالة، رغم اعلانه أنه رئيس للمصريين جميعاً، دون أن يتركوا له فرصة للعمل حتى تثبت أعماله صدق ما وعد به أو نكوصه عنه. وقد فتحت زيارة الرئيس المصري إلى المملكة العربية السعودية، والتي اختار أن تكون أول زيارة له إلى الخارج، باب النقاش والتحليلات حول أبعاد هذه الزيارة وما تعنيه للبلدين من جهة، وما تعكسه من جهة أخرى، على السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد ثورة 20 يناير 2011. وإذا كان المقال الذي كتبه الدكتور حسن نافعة قد لفت انتباه كثير من المعلقين، فإن مقال الأستاذ فهمي هويدي شدني بنفس القدر، حيث يتفق الكاتبان على نفس التحفظات التي تدور حول أن أنظمة الربيع العربي، ومصر على وجه الخصوص، لم تكن محل ترحيب من جانب أغلب دول الخليج. واتفقا، كل وفق تعبيره، أن معظم دول الخليج لا تتعامل مع مصر بما يكفى من الاحترام الواجب، وتعتقد أن مصر دولة مأزومة يمكن شراؤها بالمال وأن أوضاعها الاقتصادية الصعبة لا تمكنها من رسم وتنفيذ سياسة خارجية مستقلة. وكان دليل الدكتور نافعة على هذا هو الاستشهاد ب«تغريدات» ضاحى خلفان، قائد شرطة دبى، التي أعتبرها الإماراتيون لا تمثلهم، ناهيك عن أن تُعبر عن بقية دول الخليج الأخرى. لن أضيف جديداً إذا قلت أن محور العلاقات السعودية المصرية هو ركيزة النظام الإقليمي العربي. وأن تحالفهما هو قوة للأمة العربية، وتباعدهما يمكن أن يكون وبالاً على مجمل القضايا العربية، وهو أمر اعترف به كلا الكاتبين. لذا فإن حدوث الزيارة، دون الخوض في المواقف التي تحفظ عليها هذا أو ذاك من الكُتاب، يُمكن أن يُعتبر انقشاعا لسوء الفهم الذي ساد بين الجانبين على مدى الشهور الثمانية عشر الماضية منذ الإطاحة بنظام مبارك. فهي، كما يؤكد أحد المحللين السياسيين السعوديين، زيارة طبيعية جداً، بحكم العلاقات الإستراتيجية القوية بين البلدين. ورغم ما أثير حول فتور العلاقات السعودية – المصرية، أو تباعد علاقتهما نتيجة للربيع العربي والثورة المصرية، إلا أن الزيارة خالفت كل التوقعات وأظهرت براجماتية الرئيس مرسي، ومن ثم براجماتية الإخوان في ضرورة إقامة علاقات مميزة مع المملكة العربية السعودية. وهو أمر تجاوب معه الجانب السعودي فردوا التحية بأحسن منها. § نافذة صغيرة: [كانت مصر في أعينهم (السعوديون)، وإن اعترت المسيرة بعض السحب، لكنها انقشعت سريعا، ولابد من الوفاء لمن كانوا أوفياء، وهؤلاء كانوا كذلك، ولذلك حرصت على أن تكون أول دولة أزورها.] محمد مرسي [email protected] [email protected]